قصة شهر شعبان
جاء يوم الإجازة وقامت إيمان بتحضير الفطور لعائلتها، أقبل الجميع إلى الطاولة إلا والد إيمان، الذي شكر ابنته الغالية وابتسم ومضى إلى غرفته، استغربت إيمان وقالت في نفسها: «لعل والدي مريض أو متعب، يجب أن أهتم به» أحضرت كوبا من عصير البرتقال الطازج، كانت قد أعدته بنفسها وتوجهت الغرفة والدها، قرعت الباب، وبعد أن أذن لها دخلت بهدوء وقالت: «أبي الغالي لعل شيئا قد ألم بك، لم لم تفطر معنا اليوم كعادتك؟!» نظر الأب لابنته الحنونة مبتسما، ثم أخذ كوب العصير ووضعه على الطاولة وأجاب: «أبدا يا ابنتي، الحمد لله لا أشكو من شيء، فقط أنا اليوم صائم، إن شاء الله» استغربت إيمان وقالت: «تصوم ولم يأت رمضان شهر الصيام، كيف؟!»
قال الأب: «نعم ليس رمضان، بل نحن في شهر شعبان، وأنا أصوم بعض أيامه سنة عن النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه» قالت إيمان: «وهل كان النبي يصوم من أيامه الكثيرة» أجاب الوالد: «نعم يا ابنتي، إنه شهر شعبان، شهر ترفع فيه أعمال العام، وتوزع الأرزاق، وتقدر الآجال من رب العباد، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذاك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم».
فكان عليه الصلاة وأتم السلام يحب أن يرفع عمله لربه، والله به أعلم، صائما متعبدا لله، وهو رسول رب العالمين، فأجدر بنا أن نحيي هذه السنة العظيمة، ونسأل الله المغفرة والعافية وحسن الختام، كما أن الصيام شهر شعبان معنى آخر، فهو تمرين على صيام رمضان، حتى لا يدخل المؤمن على رمضان بمشقة وكلفة، بل بقوة ونشاط، لما ذاق من حلاوة الصيام من شهر شعبان» قالت إيمان مبتسمة: تقبل الله منك صيامك وطاعتك يا والدي الكريم، وبارك لنا فيما بقي من شعبان، وبلغنا رمضان ونحن بصحة وعافية وأمان»..