قصة عبرة عن الشكر والصداقة

0

في قرية صغيرة، كان هناك رجل غني يملك مزرعة كبيرة. كان يزرع القمح والشعير والذرة والخضروات. كان يبيع محاصيله في السوق بأسعار عالية، ويحصل على أرباح كبيرة. كان يفتخر بثروته ويستهزئ بالفقراء.

في نفس القرية، كان هناك رجل فقير يملك حديقة صغيرة. كان يزرع الورود والزهور والأعشاب. كان يبيع ما يزرعه في السوق بأسعار رخيصة، ويكسب قوت يومه. كان يشكر الله على نعمته ويتعاطف مع المحتاجين.

ذات يوم، جاء الجفاف إلى القرية، وأصاب المزروعات بالضرر. الرجل الغني فقد محاصيله، وخسر ثروته. أصبح حزينًا ومكتئبًا. لم يجد من يساعده أو يواسيه.

أما الرجل الفقير، فلم يتأثر بالجفاف كثيرًا، فوروده وزهوره وأعشابه لم تحتاج إلى ماء كثير. استمر في بيع ما يزرعه، وزاد دخله قليلًا. أصبح سعيدًا ومبتهجًا. رأى حال الرجل الغني، فشعر بالرحمة تجاهه.

ذهب إلى الرجل الغني، وقال له: “لا تحزن، فالله لا يضيع أجر المحسنين. أنا أعرف أنك كنت تستهزئ بي عندما كنت غنيًا، لكني لا أبالي بهذا. أنا أحبك في الله، وأريد أن أساعدك. هذه هدية مني لك: باقة من الورود والزهور والأعشاب. اشم رائحتها، واتبع تعليماتي.”

أخذ الرجل الغني الباقة من الرجل الفقير، وشم رائحتها. شعر بالانتعاش والسكون. سمع تعليمات الرجل الفقير، التي قال له: “ضع هذه الورود في ماء نظيف، وزيّن بها منزلك. اطحن هذه الزهور، واخلطها مع الماء والعسل، واشرب منها كل صباح. اغسل هذه الأعشاب، واغليها في الماء، وادهن بها جروحك وآلامك.”

فعل الرجل الغني ما قال له الرجل الفقير. فوجد أن الورود جعلت منزله جميلًا ومريحًا. وجد أن الزهور جعلته أكثر نشاطًا وحيوية. وجد أن الأعشاب شفت جروحه وآلامه. بدأ يشعر بالتحسن والتفاؤل.

ذهب إلى السوق، وباع ما تبقى من مزرعته. اشترى حديقة صغيرة، وزرع فيها الورود والزهور والأعشاب. بدأ يبيع ما يزرعه، ويكسب مالًا كافيًا. بدأ يتصدق على الفقراء والمساكين. بدأ يحمد الله على نعمته ويستغفره عن ذنوبه.

ذات يوم، جاء الرجل الفقير إلى الرجل الغني، وقال له: “كيف حالك؟ هل تحسنت؟ هل استفدت من هديتي؟” فأجابه الرجل الغني: “والله، أنت نعمة من الله عليّ. بفضل هديتك، تغيرت حياتي إلى الأفضل. شفيت من مرضي، وخرجت من حزني، وزاد رزقي، وطهر قلبي. أشكرك جزيل الشكر على ما فعلته لي. أسأل الله أن يبارك فيك ويجزيك خيرًا.”

وقال له الرجل الفقير: “الحمد لله على كل حال. أنا سعيد لسماع ذلك. لا تشكرني، بل اشكر الله، فهو المنان والمجيب. أنا لم أفعل شيئًا سوى أن أعطيتك ما زرعته بيدي. لكن الله هو الذي جعل فيه شفاءً وبركةً لك. فلا تنسَ ذكره وشكره.”

وقال له الرجل الغني: “أنت حكيم وصادق. سأتبع نصيحتك، وسأذكر الله وأشكره دائمًا. وسأصبح صديقًا لك، وسأساندك في كل ما تحتاجه.” فقال له الرجل الفقير: “أنت كريم وطيب. سأقبل صداقتك، وسأفرح بمصاحبتك. فإن الصداقة تزيد من المودة والخير.”

ومنذ ذلك الحين، صار الرجلان أصدقاء حميمين، يتعاونان في الخير والبر. وصار المزارعون في القرية يحتذون بهما، ويزرعون الورود والزهور والأعشاب. فانتشر في القرية الجمال والصحة والسعادة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *