كان هناك قط أبيض وناعم، يعيش في بيت جميل مع صاحبه. كان القط يحب صاحبه، ويحب اللعب معه. لكنه كان يشعر بالملل عندما يذهب صاحبه إلى المدرسة، أو إلى العمل. فلا يجد أحدًا يلعب معه، أو يتحدث معه.

ذات يوم، كان القط يجلس على الشرفة، وينظر إلى السماء. رأى عصفورًا صغيرًا، يحلق في الهواء. شعر القط بالفضول، وقال لنفسه:

  • ما هذا الحيوان الطائر؟ كيف يستطيع أن يطير في السماء؟ ماذا يفعل هناك؟

فقرر القط أن يتعرف على العصفور. فنادى عليه، وقال:

  • مرحبًا، أيها الحيوان الطائر! ما اسمك؟

سمع العصفور صوت القط، ونظر إليه. رأى قطًا أبيض وناعمًا، يجلس على الشرفة. شعر العصفور بالخوف، وقال لنفسه:

  • هذا قط! هو حيوان آكل للطيور! لا يمكنني أن أثق به! لا بد أنه يريد أن يأكلني!

فأجاب العصفور بصوت عالٍ، وقال:

  • اسمي عصفور! وأنت قط! أنت عدوي! ابتعد عني!

ثم طار بسرعة بعيدًا عن القط. تعجب القط من ردة فعل العصفور، وقال لنفسه:

  • لماذا هذا العصفور غاضب مني؟ أنا لم أفعل له شيئًا سيئًا! أنا فقط أردت أن أكون صديقه!

فحزن القط، ودخل إلى بيته. وقال لنفسه:

  • لا أحد يريد أن يلعب معي، أو يتحدث معي. أنا وحيد وحزين.

في اليوم التالي، كان القط يجلس على الشرفة مرة أخرى، وينظر إلى السماء. رأى نفس العصفور، يحلق في الهواء. شعر القط بالأمل، وقال لنفسه:

  • ربما يكون هذا العصفور أكثر لطفًا اليوم. ربما يقبل أن يكون صديقي.

فنادى عليه مرة أخرى، وقال:

  • مرحبًا، أيها العصفور! كيف حالك؟

سمع العصفور صوت القط مرة أخرى، ونظر إليه. رأى نفس القط الأبيض والناعم، يجلس على الشرفة. شعر العصفور بالغضب، وقال لنفسه:

  • هذا القط لا يستسلم! هو ما زال يحاول أن يخدعني! لا بد أنه يخطط لشيء سيئ!

فأجاب العصفور بصوت أعلى، وقال:

  • اتركني وشأني، أيها القط! أنت لست صديقي! أنت عدوي! ابتعد عني!

ثم طار بأسرع ما يستطيع بعيدًا عن القط. غضب القط من ردة فعل العصفور، وقال لنفسه:

  • لماذا هذا العصفور لا يفهمني؟ أنا لست خبيثًا! أنا فقط أردت أن أكون صديقه!

فغضب القط، ودخل إلى بيته. وقال لنفسه:

  • لا فائدة من محاولة التواصل مع هذا العصفور. هو عنيد وجبان. لا يستحق صداقتي.

وهكذا مرت الأيام، ولم يتحدث القط مع العصفور مرة أخرى. كان كل منهما يتجنب الآخر، ولا يكترث له.

إلى أن حدث شيء غير كل شيء.

ذات يوم، كان الثعلب يتجول في الغابة،و يرصد الحيوانات الصغيرة. رأى العصفور، يجلس على فرع شجرة. شهق بالشهية، وقال لنفسه:

  • ما هذا الطعام اللذيذ؟ هذا عصفور صغير ولذيذ! سأأكله بكل سرور!

فتسلل الثعلب نحو العصفور، وحاول أن يمسكه بفكيه. لكن العصفور كان يقظًا، وسمع صوت الثعلب. فنظر حوله، ورأى الثعلب يقترب منه. شعر العصفور بالرعب، وقال لنفسه:

  • هذا ثعلب! هو حيوان آكل للطيور! يريد أن يأكلني! ماذا أفعل؟

فحاول العصفور أن يطير بعيدًا عن الثعلب. لكنه لم يستطع، فقد كان مصابًا في جناحه. كان قد اصطدم بشجرة قبل أيام، وتأذى جناحه. فلم يستطع الطيران بسرعة، أو الارتفاع عاليًا.

وصل الثعلب إلى العصفور، وأمسكه بفكيه. ثم قال له:

  • مرحبًا، أيها العصفور! كيف حالك؟
  • تركني! تركني! – صاح العصفور بخوف – أنت ثعلب! أنت عدوي! ابتعد عني!
  • عدوك؟ – سخر الثعلب – لا تكن سخيفًا! أنا صديقك! أنا أحبك!
  • تحبني؟ – تساءل العصفور – كيف تحبني؟
  • أحبك كطعام! – قال الثعلب – وأنا جائع جدًا!

ثم فتح فمه، وأراد أن يبتلع العصفور.

ولكن في ذلك الوقت، سمع صوتًا آخر. صوتًا مألوفًا.

  • أيها الثعلب! ترك العصفور! هو صديقي!

كان هذا صوت القط. كان قد رأى ما حدث من شرفته.شعر بالأسى على العصفور. فقرر أن ينقذه من الثعلب. فنزل من شرفته، وركض نحو الثعلب. وقال له:

  • أيها الثعلب! ترك العصفور! هو صديقي!

سمع الثعلب صوت القط، ونظر إليه. رأى قطًا أبيض وناعمًا، يجري نحوه. شعر الثعلب بالدهشة، وقال لنفسه:

  • هذا قط! هو حيوان آكل للفئران! يريد أن يأخذ عصفوري! لا يمكنني أن أسمح بذلك!

فأغلق فمه، وحاول أن يهرب بالعصفور. لكن القط كان أسرع منه. فوصل إليه، وقفز عليه. ثم قال له:

  • أيها الثعلب! أترك العصفور! هو صديقي!

ثم بدأ القط والثعلب في القتال. كانا ينهشان بأسنانهما، ويخدشان بأظافرهما. كانا يزأران وينبحان. كانت معركة شرسة.

ولكن في ذلك الوقت، حدث شيء آخر. شيء غير متوقع.

جاء صاحب القط إلى المنزل. كان قد انتهى من المدرسة، وعاد إلى بيته. رأى قطه وثعلبًا يتقاتلان في حديقته. شعر بالدهشة والغضب، وقال لنفسه:

  • ما هذا؟ ماذا يفعل قطي؟ ماذا يفعل ثعلب في حديقتي؟

فأخذ عصاً كبيرة، وذهب نحو الثعلب. ثم ضربه بالعصا على رأسه. صرخ الثعلب من الألم، وأسقط العصفور من فمه. ثم هرب بسرعة بعيدًا عن القط وصاحبه.

أخذ صاحب القط قطه في حضنه، ودخل به إلى بيته. ثم قال له:

  • ماذا فعلت يا قطي؟ لماذا تقاتل مع ثعلب في حديقتي؟ أنت تعرض نفسك للخطر!
    • أنا آسف يا صاحبي – قال القط – لكني كنت أحاول أن أنقذ العصفور من الثعلب. هو صديقي!
    • صديقك؟ – تعجب صاحب القط – كيف يكون عصفور صديقًا لقط؟
    • هو صديقي لأنه حيوان طائر – قال القط – وأنا أحب الحيوانات الطائرة. أردت أن ألعب معه، وأتحدث معه. لكنه كان خائفًا مني، ولم يثق بي. فحزنت عليه، وأردت أن أكون صديقه.
    • هذا غريب جدًا – قال صاحب القط – لكني أفهم مشاعرك. أنت قط طيب وشجاع. أنا فخور بك.

    ثم عانق قطه، وأعطاه حليبًا وسمكًا. شعر القط بالسعادة، وشكر صاحبه.

    في هذه الأثناء، كان العصفور ملقى على الأرض. كان مصابًا في جناحه، ومذعورًا من الثعلب. شعر بالوحدة والحزن، وقال لنفسه:

    • ماذا حدث لي؟ كيف نجوت من الثعلب؟ من أنقذني؟

    فنظر حوله، ورأى الشرفة. رأى نفس القط الأبيض والناعم، يجلس على الشرفة مع صاحبه. رأى كيف يحبه صاحبه، ويعتني به. رأى كيف يشرب الحليب، ويأكل السمك.

    وفجأة، تذكر العصفور ما قاله القط له. تذكر كيف نادى عليه، وقال له:

    • أيها العصفور! أترك الثعلب! هو صديقي!

    شعر العصفور بالدهشة، والإعجاب، والندم. فقال لنفسه:

    • هذا القط هو من أنقذني! هو من طرد الثعلب عني! هو فعلاً صديقي! وأنا كنت ظالمًا به! كنت خائفًا منه، ولم أثق به! كنت عدوًا له، ولم أكن صديقًا له!

    فحزن العصفور على نفسه، وأراد أن يعتذر له. فجمع شجاعته، وقال بصوت عالٍ:

    • أيها القط! أنا آسف! أنت صديقي!

    سمع القط صوت العصفور، ونظر إليه. رأى نفس العصفور الصغير واللطيف، يجلس على الأرض. شعر القط بالفرح، وقال لنفسه:

    • هذا العصفور يتحدث معي! هو يعتذر لي! هو يقول أنني صديقه!

    فأجاب القط بصوت ودي، وقال:

    • أيها العصفور! أنا سعيد! أنت صديقي!

    ثم نزل من شرفته، وذهب نحو العصفور. وصل إليه، ولمسه بأنفه. ثم قال له:

    • كيف حالك؟ هل تحتاج إلى مساعدة؟
    • أنا بخير – قال العصفور – شكرًا لك على مساعدتي. أنت قط طيب وشجاع.
    • عفوًا – قال القط – أنت عصفور طيب ولطيف.

    وهكذا تحدث القط والعصفور معًا. تبادلا الأحاديث والأسئلة. تعرفا على بعضهما البعض. تشاركا الأفكار والآراء. تلاقيا الإحترام والتقدير.

    وبعد ذلك، حدث شيء رائع. شيء لم يحدث من قبل.

    أصبح القط والعصفور أصدقاء. أصدقاء حميمين. أصدقاء لا ينفصلون.

    كانا يلعبان معًا كل يوم. كان القط يجلس على الشرفة، والعصفور يجلس على كتفه. كانا يرويان لبعضهما قصصًا ومغامراتًا. كانا يضحكان ويغنيان.

    كان صاحب القط سعيدًا بصداقتهما. كان يحب قطه، ويحب عصفوره. كان يعتني بهما، ويغذيهما. كان يشاركهما المرح والسرور.

    وكان جميع الحيوانات في الغابة مدهوشة من صداقتهما. كانوا ينظرون إليهم بإعجاب وإحترام. فقالوا لأنفسهم:

    • هذا قط وعصفور! هم حيوانات مختلفة! كيف أصبحوا أصدقاء؟
    • هم أصدقاء لأنهم طيبون وشجعان – قالوا لهم القط والعصفور – هم أصدقاء لأنهم يحبون بعضهم بعضًا.

النهاية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *