قصة العنزات الثلاث
بيوم من الأيام اجتمع ثلاثة من العنزات، تلجة ورملة ورمادة، وسرن في طريق واحد بحثا عن مكان ومأوى آمن وصالح للعيش به.
وبالفعل تمكن من إيجاد تل كبير شاسع مليء بالعشب الأخضر.
كانت الثلاثة عنزات يرغبن في البقاء طوال عمرهن في هذا التل، لذلك قالت إحداهن..
تلجة: “لابد لنا من بناء ثلاثة منازل، لكل واحدة منا منزلها الخاص بها”.
رملة: “نعم معكِ حق في كل ما ذكرته، والآن علينا أن نفترق لتجمع كل واحدة منا الأدوات اللازمة لبناء منزلها”.
رمادة: “لن نفترق، علينا أن نظل دوما برفقة بعضنا البعض حتى لا نكون مطمعا للذئاب؛ وعلينا أن نبحث على الأدوات على الفور حتى نقي أنفسنا من هبوب الرياح القوية، ومن مخاطر الذئاب”.
وقامت كل واحدة منهن بجمع الأدوات التي ستحتاجها في بناء منزلها، اختلفت هذه الأدوات باختلاف شخصية كل واحدة منهن.
كانت تلجة ماعز كسولة لأبعد الحدود، ولم تجد من القش أداة أنسب لبناء منزلها..
تلجة: “إن استخدام القش لوسيلة موفرة للجهد والوقت في آن واحد”، وكانت أول واحدة تنتهي من بناء منزلها وتستعد للراحة به.
أما عن رملة فكانت تميل للوسطية في كل شيء، ولم تجد أنسب من الحطب لبناء منزلها، واستغرقت وقتا في بنائه أطول من تلجة.
أما عن رمادة فقد اتخذت من الطوب والإسمنت أدوات لبناء منزلها، حيث أنها كانت تخشى ألا يكون منزل صديقتيها المصنوعين من القش والحطب غير متينين كفاية للصمود ومواجهة الرياح العاتية والذئب الشرير، واستغرقت في بناء منزلها والذي وضعت عليه آمالا كبيرة فصلا كاملا، وأنهكها التعب الشديد والجهد.
وكانتا تلجة ورملة كلما مرتا عليها لامتاها كثيرا على سوء اختيارها لهذه الأدوات والتي استغرقت منها وقتا طويلا لإنجاز بناء منزلها.
ولكن رمادة كانت على يقين بأن منزلها سيكون بإمكانه حمايتها من الرياح الشديدة والعواصف وهجمات الذئاب أيضا.
وبيوم من الأيام بالصباح الباكر جاءهن الذئب يريد أكلهن واحدة تلو الأخرى، ومن شدة جوعه ما إن رآهن يلعبن في المراعي الخضراء ويأكلن العشب الأخضر حتى أسرع يركض خلفهن وهو يعوي
وما إن سمعن العنزات الثلاث صوت عوائه حتى ركضن تجاه منازلهن، وكل واحدة منهن أغلقت الباب وأوصدت بإحكام خوفا من الذئب الشرير.
وأول منزل ذهب إليه الذئب كان منزل تلجة المصنوع من القش، سعد كثيرا وتعالت ضحكاته حيث أنه ضمن وجبة دسمة تغنيه وتسد جوعه الكبير، تراجع للخلف بضعة خطوات ونفخ بكامل قوته وانهال المنزل رأسا على عقب، ركضت تلجة والدموع تملأ عينيها إلى صديقتها رملة، والتي فتحت لها الباب وأغلقته بعد إدخالها على الفور.
جاءهما الذئب والضحكات من كثرة علوها دبت الرعب بقلبيهما..
الذئب: “بدلا من وجبة واحدة أصبحت وجبتين، يا لسعدي وهنائي اليوم”.
كادتا تلجة ورملة من كثرة الخوف أن تفقدا حياتهما، نفخ الذئب مثلما فعل بمنزل تلجة المصنوع من القش، ولكن الأمر لم يفلح معه، لم ييأس الذئب وعلى الفور أحضر فأس وقام بتقطيع الحطب الذي صنعت منه رملة منزلها.
ركضت رملة وتلجة تجاه منزل رمادة، والتي كانت في انتظارهما، أدخلتهما وأوصدت الباب خلفهما، كانتا قلقتان وتذرفان الكثير من الدموع، ولكن رمادة طمأنتهما.
أمسك الذئب الفأس وأراد تحطيم منزل رمادة والنيل من العنزات الثلاث، ولكن الأمر لم يفلح معه كليا، لم ييأس كعادته وخاصة أنه يشعر بجوع كبير.
فكر أن يدخل للمنزل من المدخنة، كانت تلجة تسمع صوتا فوق منزل رمادة، علمت رمادة أنه يخطط لدخول المنزل من المدخنة، لذلك قامت بإشعال النار على الفور.
وعندما أوشك على الاقتراب من نهاية المدخنة اشتعلت النيران بجسده، فانطلق خارجا يصرخ من شدة الألم الذي لحق به.
لم يعد الذئب مجددا للعنزات حيث أنهن لقنه درسا لن ينساه، عاشا جميعهن في منزل واحد في سعادة وهناء.