قصة من الرماد إلى الأفق
اهلا وسهلا بكم متابعي موقع قصص
لقد اضفنا اليوم قصة جديدة
استمتعوا!
هذه القصة من حصريات موقع قصص
كان مالك طفلًا صغيرًا، يبلغ من العمر عشر سنوات فقط، عندما فقد والديه في حادث مروع. منذ تلك اللحظة، تغيرت حياته بشكل جذري. انتقل للعيش مع عمته في حي فقير حيث كانت الحياة مليئة بالضغوطات والعقبات. كانت عمته امرأة قاسية، لا تعير اهتمامًا كبيرًا لما يشعر به مالك. كانت تأمره بالعمل في المصانع الصغيرة أو في الأسواق، لتوفير لقمة العيش، بينما كان حلمه الوحيد يدور حول كرة القدم.
في ذلك الحي الذي لم يكن يتجاوز عرضه بضعة شوارع ضيقة، كانت الظروف المحيطة بالمراهقين الصغار تحتم عليهم البقاء في دائرة الفقر، بعيدة عن أي آفاق أمل. كان الأطفال الآخرون يقضون أيامهم في لعب الشوارع، معظمهم يلهو بالحجارة والأشياء البسيطة في وقت فراغهم، ولكن مالك كان يبتعد عنهم، عينه دائمًا على شيء أبعد. كرة القدم، التي كانت بالنسبة له أكثر من مجرد لعبة، كانت شغفه الوحيد، رغم أن الحي لم يكن يحتوي على ملعب حقيقي.
لم يكن مالك يملك حتى حذاءً رياضيًا مناسبًا. لكنه كان يركض في الشوارع حافي القدمين، يلتقط كرة قديمة يتدحرجها بين قدميه. كان كل يوم بالنسبة له تحديًا جديدًا؛ يواجه نظرات السخرية من أصدقائه الذين يعتقدون أن أحلامه لا تتجاوز خيال طفل فقير. “أنت لا تنتمي لهذا العالم يا مالك، كرة القدم ليست لك”، قال أحدهم في إحدى الأيام، عندما رآه يتدرب في الشارع.
لكن مالك لم يستسلم، كانت رؤيته لأفق بعيد لا يزال يتألق في قلبه، وكان حلمه أن يصبح لاعب كرة قدم محترفًا. مرّت السنوات، وكان يعاني أكثر في صمت، يعاني من عواقب الجوع، والفقر، والوحدة، لكنه كان يستمر في التدريبات. لم يكن يملك وقتًا للراحة، وكانت التحديات تزداد يومًا بعد يوم. حتى عندما أصيب في قدمه ذات مرة، قال الأطباء إنه لن يعود للعب مجددًا. لكن مالك كان يرفض الاستسلام؛ كان يبذل كل طاقته في التمرن على الجوانب الأخرى التي كانت تحتاجها اللعبة، مثل اللياقة البدنية والقدرة على التفكير السريع.
في أحد الأيام، بينما كان مالك يمشي في الشارع بعد عمله في أحد المحلات الصغيرة، صادف رجلاً مسنًا يرتدي زيًا رياضيًا قديمًا. كان الرجل يشاهد مجموعة من الأطفال يلعبون كرة القدم في ساحة صغيرة. مالك، الذي كان لا يزال يحلم، توقف للحظة لينظر إلى الأطفال وهم يلعبون، وعينيه مليئة بالشغف.
اقترب الرجل من مالك وقال: “أنت لا تنتمي هنا، أليس كذلك؟” فزع مالك، لكنه أجاب بحذر: “أريد فقط أن أكون لاعب كرة قدم.” ابتسم الرجل وقال: “لقد كنت مثلك في يوم من الأيام، كنت أظن أن الحلم بعيد، ولكنني تعلمت أنه لا يوجد شيء مستحيل. تعال معي، هناك مكان يمكنك أن تبدأ فيه.”
كان ذلك الرجل مدربًا قديمًا للمنتخب الوطني لكرة القدم، وكان قد جاء إلى المدينة لإجراء بعض الفعاليات الرياضية. أعجب بمالك فورًا، ورأى فيه روحًا رياضية نادرة، رغم صعوبة الظروف التي مر بها. قرر أن يمنحه فرصة، وأقنعه بالتوجه إلى أكاديمية رياضية مرموقة. كان ذلك بمثابة حلم يتحقق لمالك، رغم أنه لم يكن يملك المال الكافي لدفع الرسوم الدراسية.
مرّت أشهر، ومالك في الأكاديمية كان يقضي وقته بين التدريبات الشاقة والدراسة. لكن كل لحظة كانت تجلب له الإحساس بقرب حلمه. تمر الأيام وتزداد قوته وثقته بنفسه، حتى أصبح لاعبًا أساسيًا في الفريق. ومع مرور الوقت، بدأ يلفت الأنظار، ووجد نفسه في الدوري الوطني لكرة القدم، يحقق حلمه الكبير.
لكن القصة لم تنتهِ هنا. فبعد أن أصبح مالك نجمًا مشهورًا، قرر العودة إلى الحي الذي نشأ فيه. قام بتأسيس أكاديمية رياضية خاصة للأطفال الفقراء، الذين نشأوا في بيئة مشابهة لبيئته. كان يريد أن يمنحهم الفرصة التي لم تتوفر له، أن يظهر لهم أن الحلم لا يعرف حدودًا، وأن الإيمان بالذات هو الطريق الوحيد للنجاح.
أسس مالك مشروعًا لدعم الأيتام والمحرومين، حيث وفر لهم منحًا دراسية وأدوات رياضية. عمل على أن يكون قدوة لهم، وأن يعلمهم أن النجاح لا يتحقق بسهولة، لكنه ممكن عندما تمتلك الشجاعة لمواجهة التحديات والإيمان بالقدرة على التغيير.
وفي النهاية، أصبح مالك مثالًا حيًا على أن الظروف الصعبة لا تمنع الإنسان من تحقيق أحلامه. بل هي الحافز الأكبر لتطوير الذات، وتحدي المستحيل.
النهاية
انتهت القصة
نتمنى أنكم استمتعتم بقراءة القصة. اذا لديكم قصص وترغبون بمشاركتها معنا ، تواصلوا معنا عبر بريد الموقع info@qesass.net.
إدارة موقع قصص