قصة بينوكيو
بترجمة ادارة موقع قصص
يحكى أنه في قديم الزمان في إحدى البلدات الصغيرة كان يعيش صانع ألعاب يدعى “جبيتو”، كان ماهرا للغاية في صناعة الألعاب الجذابة والمبهجة والتي نالت رضا جميع الأطفال، لقد أحب الأطفال الصغار ألعابه الجميلة الملونة، ولاقت عندهم ترحيبا وإقبالا شديدا.
وبيوم من الأيام تمنى ذلك الرجل العجوز “جبيتو” أن يكون له طفله الخاص، وقرر بذلك اليوم أن يصنع دمية على شكل ولد جميل، وكانت بقرارة نفسه أنه سيتعامل معه طفله الحقيقي الذي تمنى إنجابه.
ذهب “جبيتو” للغابة ليبحث عن جذع خشبي، وسرعان ما وجد جذع صنوبر، فرح كثيرا عندما وجده وقال: “إنه الجذع المثالي الذي كنت أبحث عنه”.
التقطه “جبيتو” على الفور، وحمله على ظهره كطفل صغير، وأخذه لمنزله، وفور وصوله شرع في النحت بيديه الماهرتين، وشيئا فشيئا بدأ جذع الصنوبر في التشكل، بداية تشكلت رأس الدمية ثم ذراعيها وساقيها، وفي النهاية بعد كثير من المجهود تشكلت دمية ولد جميل للغاية.
أمسك “جبيتو” الدمية بين يديه وقال: “لقد صنعتك أخيرا، أنت تذكرني بكل أيام طفولتي يا بني، لن أبيعك لأي أحد، وسأسميك بينوكيو”، وعندما جاء الليل كان “جبيتو” متعبا للغاية، فجعل بينوكيو بالقرب منه للغاية على سرير نومه، وغط “جبيتو” في نوم عميق نظرا لشدة تعبه وإرهاقه.
وبينما كان “جبيتو” في نوم عميق ظهرت فجأة جنية…
الجنية وقد لوحت بعصاها السحرية: “جبيتو لقد منحت السعادة لكثيرين من الأطفال بألعابك الجميلة والملهمة، والآن حان دوري سأكافئك بهدية مميزة للغاية على كل أعمالك النبيلة”، لوحت الجنية بعصاها على الدمية بينوكيو والذي فجأة دبت الحياة بداخله فصار يتحرك.
قفز بينوكيو فرحا على السرير، وانحنى للجنية احتراما وتقدير، وبعد ذلك شكرها وكان ممتن لها للغاية حيث جعلته على قيد الحياة، وعبر أنه بإمكانه أن يمشي على قدميه وأن يرقص.
أخبرته الجنية قائلة: “نعم يا صديقي العزيز أنت الآن حي، ويمكنك فعل كل ما تريد، ولكن عليك أن تكون دوما طفلا صالحا، لا تزعج والدك أبدا، واصغي لكل ما يقول واستمع لأوامره، وإذا أصبحت ولدا صالحا ستكون لك مني هدية مميزة للغاية”.
ومن شدة فرح بينوكيو أراد أن يوقظ والده ليخبره بأنه صار حيا، ولكن الجنية أخبرته بأن والده متعبا وعليه أن يتركه نائما ولا يزعجه حتى حلول الصباح؛ وعندما حل الصباح استيقظ “جبيتو” من نومه فرأى بينوكيو جالسا بجانبه على السرير يمعن النظر به ويطرف بعينيه.
لم يصدق “جبيتو” عينيه، كاد يطير قلبه فرحا من شدة سعادته عند رؤيته الدمية التي صنعها بكل أمل تدب فيها الحياة مثلها مثل البشر، ضم بينوكيو لصدره وعبر عن مدى سعادته، أمضيا أجمل الأوقات السعيدة سويا حتى جاء وقت دخول المدرسة.
أراد “جبيتو” أن يحسن تربية ابنه الذي تمناه من الدنيا، وعندما حان موعد المدرسة أراد ذهاب ابنه إليها، وعلى الرغم من عدم امتلاكه النقود الكافية إلا أنه باع من ممتلكاته وأحضر لابنه بينوكيو الملابس المدرسية والكتب والأقلام وكل المستلزمات.
طلب منه والده “جبيتو” أن يذهب للمدرسة ولا يذهب لمكان غيرها، وأن يعود للمنزل بمجرد انتهاء اليوم الدراسي، وألا يقلق والده الكبير في السن عليه، وعده بينوكيو بذلك.
وبينما كان ذاهبا للمدرسة وجد تجمعا من الأناس قاده فضوله للذهاب إليهم ومعرفة الأمر، فوجده سيرك فأراد دخوله، وعندما وصل للباب لم يدخله الرجل إلا بعدما دفع كل الأموال التي كانت بحوزته حتى أنه أعطى الرجل حقيبته المدرسية بمحتوياتها كرهن يستردها عندما يكمل له المبلغ الذي أراده منه.
دخل بينوكيو السيرك فرأى ساحرا يخرج من قبعته الكثير من الأرانب، ورأى دبا يقود عجلة، وحان وقت عرض العرائس الدمى، وعندما لاحظ بينوكيو الناس شديدي الاهتمام بالدمى رأى في نفسه الأفضلية عن الدمى الساكنة بحب هؤلاء الناس اللطفاء، فصعد على خشبة المسرح وشرع في الغناء والرقص.
كان هناك من يشاهده عن كثب، وبخاصة عندما انهالت عليه العملات الذهبية، لقد توعد مالك السيرك بعد مشاهدته دمى ناطقة ومتحركة دون تحكم خارجي، رأى أمام عينيه الثروات الهائلة، وتوعد لبينوكيو ألا يتركه يذهب من السيرك مرة أخرى.
وبالفعل قام بالإمساك به ووضعه داخل قفص، وعلى الرغم من توسلات بينوكيو أن يتركه خوفا على والده إلا أن مالك السيرك لم يرحمه؛ مضى طوال الليل وهو يبكي أسفا وندما لأنه لم يصغي لكلام والده ولم ينفذ ما طلبه منه.
وفجأة ظهر نور أمام عينيه وإذا بالجنية تظهر أمامه من جديد طلبت منه التوقف عن البكاء لأنه يدمي قلبها عليه، وسألته عن سبب بكائه، فأخبرها بينوكيو أنه بينما كان ذاهبا للمدرسة وجد ثلاثة رجال أمسكوا به بقوة ووضعوه داخل هذا القفص ومنعوه من العودة لوالده “جبيتو”.
لاحظ بينوكيو أنه كلما تحدث بكذب كبر أنفه واستطال، وعندما سأل الجنية عن السبب في ذلك أخبرته السبب وذلك لأنه يحدثها كذبا، فسرد بينوكيو القصة كاملة بكل صدق للجنية والتي ساعدته في الهرب من القفص بأن كسرت بعصاها القفل الكبير، وتمكن بينوكيو وأخيرا من الهرب من داخله، نصحته بأن يكون طفلا صالحا طيب القلب صادقا صدوقا، ووعدها ألا يعود لمثل هذه الأمور.
وبينما كان عائدا بينوكيو لمنزل والده “جبيتو” وجد عربة يقودها حصان أبيض في غاية الروعة، ووجد سائق العربة يعرض عليه إيصاله لمنزله، قبل بينوكيو عرض السائق وصعد للعربة على الرغم من عدم ارتياح ضميره، وما إن صعد للعربة حتى شرع السائق في الحديث عن مدينة الحلويات التي بها كل أنواع الحلويات الموجودة حول العالم، وقاده بينوكيو فضوله من جديد للذهاب لمدينة الحلويات وتذوق كل أنواع الحلويات التي بها.
وعندما وصل وجدها بالفعل مدينة مليئة بالخضر والألوان المبهجة، ووجد صدق السائق أمام عينيه وشرع في الأكل ولم يستطع أن يمنع نفسه من ذلك؛ وبمرور اليوم الأول وبمجيء اليوم الثاني لاحظ بينوكيو اختفاء الأطفال الذين كانوا من حوله، ووجد الكثير من الحمير، ومن داخل اليوم لاحظ ظهور أذنين حمار وذيل بجسده!
هنا فهم ما يحدث للأطفال بهذه المدينة العجيبة، ففر هاربا وعندما عاد لمنزل والده لم يجده، خرج وسأل الجيران عن والده فأخبره أحدهم أن والده “جبيتو” قد قلق عليه كثيرا وخاف عليه عندما لم يعد، فقرر البحث عنه وأول ما فعله استقل مركبا وذهب ليبحث عنه بالبحر.
ودون تفكير منه قفز بينوكيو في البحر باحثا عن والده “جبيتو” والذي شعر بالذنب والسوء تجاهه، كما أنه كان مشتاقا للغاية إليه، ولأنه مصنوعا من الخشب طفى فوق المياه وظل يسبح ويسبح وينادي بأعلى صوته على والده؛ وفجأة ظهر من خلفه حوتا ضخما ابتلعه في الحال.
وعندما ابتلعه الحوت ظل يبكي ويتندم على ما فعله، وعندما شرع في البكاء عاد بينوكيو لطبيعته حيث زالت عنه أذني الحمار والذيل؛ وإذا بصوت والده “جبيتو” يأتيه من خلفه، وكان قد ابتلعه الحوت بمركبه.
كان يمسك والده “جبيتو” شعلة في يده، ففكر بينوكيو في حيلة فجمع خشب من سفينة محطمة كان قد ابتلعها أيضا، وأشعلا فيها النيران وتصاعد الدخان من جوف الحوت الذي لم يتحمله بالتأكيد فعطس وخرج من داخل بطنه “جبيتو” وابنه بينوكيو.
وعندما خرجا من مياه البحر ظهرت الجنية من جديد لتعطي بينوكيو هديته التي كانت وعدته بها حيث أنها وفى بوعده وأصبح طفلا صالحا بعدما تخلى عن أنانيته وضحى بنفسه فداءً لوالده، فلوحت الجنية بعصاها وتحول بينوكيو من دمية حية لطفل بشري فعليا، وكانت سعادة “جبيتو” والده وسعادة بينوكيو لا توصف على الإطلاق.