قصة المصابيح السحرية

0

في قرية صغيرة تحت جبل عالٍ، كان يعيش طفل يدعى عمر. كان عمر يحب القراءة والمغامرة، وكان يحلم بأن يصبح ساحراً. كان يقرأ كل الكتب التي يجدها عن السحر والجن والعفاريت، ويتمنى أن يلتقي بواحد منهم.

في يوم من الأيام، خرج عمر من بيته ليذهب إلى السوق، وفي طريقه رأى رجلاً غريباً يبيع مصابيح قديمة. اقترب عمر من الرجل وسأله عن المصابيح.

قال الرجل: “هذه مصابيح سحرية، إذا فركت واحدة منها، سيخرج منها جني يحقق لك ثلاث أمنيات”. اندهش عمر وسأل: “هل هذا حقاً؟” قال الرجل: “نعم، هذا حقاً. لكن احذر، فالجن ليسوا دائماً صادقين أو طيبين. قد يخدعونك أو يضرونك إذا لم تكن حذراً”.

رد عمر قائلاً: “أنا لا أخشى الجن، وأرغب في أن أجرب واحدة من تلك المصابيح”. قال له الرجل: “حسنا، يمكنك اختيار أي واحدة منها، وسأمنحها لك بدينار واحد فقط”. اختار عمر مصباحاً صغيراً ذا لون أزرق، ودفع للرجل الدينار. ثم أخذ المصباح وذهب به إلى بيته.

وصل عمر إلى بيته وأغلق الباب خلفه. جلس على سريره وأخذ المصباح في يده. حدث نفسه: “يا ترى ماذا سأطلب من هذا الجني؟ ربما أطلب منه أن يجعلني ساحراً قويا، أو أن يغنيني غنياً، أو يأخذني لزيارة أبعد بلاد الأرض”.

ثم فكَّر قائلا: “لا، لن أقوم بطلب أي شيئ من هذا، يجب أن أرى الجني بنفسي. ربما يكون لطيفا وودوداً، وأستطيع أن أصاحبه”. فأخذ يفرك المصباح بقوة.

فجأة، خرج من المصباح دخان كثير، وتشكَّل في الهواء جسم ضخم ذو عضلات وشعر طويل. كان له عيون حمراء وأسنان حادة وأظافر كالمخالب. كان يضحك بشكل مخيف ويردِّد: “أنا جنِّي المصباح، سأحقق لك ثلاث أمنيات ، فقل لي ماذا تريد؟”

ارتعد عمر من الخوف والدهشة. لم يكن يتوقع أن يكون الجني بهذا الشكل المخيف. قال بصوت مرتجف: “من أنت؟ ما اسمك؟” قال الجني: “أنا جنِّي المصباح، واسمي زغلول.

لا تضيع وقتي بالأسئلة الغبية، فقط قل لي ماذا تريد؟” قال عمر: “أنا لا أريد شيئاً منك، أرجوك اتركني وارجع إلى مصباحك”.

قال الجني: “ههههه، لا تكن سخيفاً. أنت لديك فرصة ذهبية لتحقيق أحلامك. لماذا تضيعها؟” قال عمر: “أنا لا أثق فيك، أنت تبدو شريراً ومخادعاً.

ربما تحقق لي أمنية بطريقة تضرني أو تضر غيري”. قال الجني: “لا تخف، فأنا سأحقق لك أمنية بالطريقة التي تريدها. لكن إذا رفضت، فسأغضب منك وسأعاقبك”.

قال له عمر: “ماذا سوف تفعل؟” رد عليه الجني: “سأقوم بتحويلك إلى فأر صغير، وأفكر أيضاً أن أحبسك في المصباح معي، أو سأقوم بجعلك تعاني بشدة من الألم والمرض. فلا تختبر صبري، وأخبرني ماذا تريد؟”

فكَّر عمر بسرعة. كان يشعر بالخوف من الجني، ولم يكن يعرف كيف يتخلص منه. ثم تذكَّر كتاب قرأه عن السحر والجن، وفيه كان هناك طريقة لإخضاع الجن بالاسم الأعظم. قال في نفسه: “ربما هذه هي فرصتي للهروب من هذا الجني”.

صاح بصوت عالٍ: “لو كان ذلك هو خياري، فأول أمنية لي أطلبها منك هي أن تخبرني ما هو اسم الله الأعظم”.

رد الجني: “ما هذا اغباء الذي تتمنها؟ لماذا تسألني عن شيء لا يفيدك؟” قال له عمر: “ما يهمك أنت في ذلك؟! أجب على سؤالي فقط”.

قال الجني: “لا، لن أجب على سؤالك. هذه أمنية مهينة لي. اختر أمنية أخرى”. قال عمر: “لا، تلك هي أمنيتي، وأنت ملزم الآن بتحقيقها لي، هيا أخبرني ما هو اسم الله الأعظم، أو سأستعين بالله عليك”.

رد الجني: “أنت لا تجرؤ على ذلك، فأنا أقوى منك ومن الله. لا يوجد شيء يسمى اسم الله الأعظم. هذا كلام باطل وخرافة”.

قال عمر: “كف يا هذا عن الكذب والتكبر، أنت تعلم أشد العلم أن الله هو الخالق والمالك لكل شيء . وتعلم كذلك أن هناك اسم لله يخشاه كل شيء، وإذا دعي به استجاب له. فأخبرني به، أو سأدعو عليك بالهلاك”.

لم يستطع الجني أن يتحمل كلام عمر. شعر بالغضب والخوف في نفس الوقت. كان يكره أن يسمع ذكر الله واسمه الأعظم. كان يعرف أن هذا الاسم هو سلاح فتاك ضده، وأنه إذا قاله عمر سيصبح في قبضته.

فقرر أن يهرب من الموقف. قال بصوت مبحوح: “لا، لا تفعل ذلك. لا تدعو عليَّ. سأرحل من هنا، وسأتركك وشأنك. لا تحتاج إلى أمنية مني. فقط اترك المصباح، ولا تفركه مرة أخرى”. ثم دخل في المصباح بسرعة، وانقطع الدخان.

بقي عمر مذهولاً من ما حدث. لم يصدق أنه نجا من الجني بفضل اسم الله الأعظم. شكر الله على نعمته وحفظه. ثم أخذ المصباح وخرج من بيته.

ذهب إلى السوق، ووجد الرجل الغريب الذي باع له المصباح. قال له: “خذ مصباحك، فأنا لا أريده. هذا مصباح شرير، فيه جني مخادع”.

رد الرجل قائلاً: “لا تقل ذلك إن هذا المصباح ثمين، وبإمكانه أن يحقق لك جميع ما تتمنى”.

قال له عمر: “لا أرى شيء يستحق أن أتعامل مرة أخرى مع جني شرير. خذ مصباحك لك وإلا سأقوم بكسره”. فأخذ الرجل المصباح بسرعة، وابتسم بشكل غامض.

انصرف عمر من السوق، وعاد إلى بيته. نسي المصباح والجني، وعاد إلى حياته الطبيعية. استمر في قراءة كتبه المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *