قصـــــــة الفلاح الأمين والمالك البخيل
كان يا ما كان يا حلوين يا صغننين في يوم من الأيام فلاح مسكين وأمين، وكل الصفات الحلوة ربنا حطها فيه غير إنه كان بيشتغل في حقل مالك قاسي القلب حاد الطباع، وأكتر صفة بتميزه عن كل الموجودين في القرية كلها إنه بخيل بخل السنين، وإنه عمره ما أعطى الأجير حقه ولا حتى أقل من حقه بكتير، بل إنه كان في كل مرة بيتفنن في أكل حق كل من يعمل لديه.
الفلاح المسكين الأمين كان بيخاف إنه لو ترك العمل عند المالك إنه يفقد عمله وما بيقدر يوفر لنفسه قوت يومه، وكل ده كان بيخليه يتحمل الشغل عند المالك البخيل مهما كان الجزاء.
ومرت 3 سنوات على ده الحال، والفلاح عمره ما أخد مال من مالك الأرض البخيل على الرغم إنه كان بيتفانى في العمل في الأرض وإنتاج أفضل المحاصيل، راح له الفلاح المسكين…
الفلاح: “أريدك أن تعطيني كل مالي طيلة التلاتة سنوات”.
المالك البخيل: “ومن آتيك بالمال؟!”
الفلاح: “لا أريد أن أعمل معك مرة ثانية وإن لم تعطيني المال فسأحرق لك كل المحاصيل التي قمت بزراعتها”.
هنا تأهب البخيل وتحايل على الفلاح المسكين، وكان قد أخرج من جيبه ثلاثة قروش وحسب: “ليس لديك عندي إلا 3 قروش، وها هم خذهم ولا أراك بعد اليوم في حقولي، وإن جرؤت على الإتيان فسترى مني وجها لم تراه طوال حياتك”.
أخدهم الفلاح المسكين، وبالرغم من إنهم قليلين إلا إن ده ما منعه من الفرحة بهم، فبعد كل شيء ده مال في إيده بعد 3 سنين من التعب والكد؛ ومشي من عند البخيل وهو كل إصرار إنه عمره ما هيرجع عنده تاني، وكان كله ثقة إن البخيل هيندم عليه لأنه اشتغل عند بكل ضمير وعمره طول التلات سنين ما اتخاذل عن العمل الجاد في حقوله الواسعة، كان في كل عام بيدخل له خير كتير بسبب شغل الفلاح الأمين، ولكنه بخله منعه من إنه يقدر أمانة الفلاح وتفانيه في عمله.
ساحر الشجرة القزم:
أراد الفلاح مغادرة القرية كلها، وهو وماشي لقي رجل حزين تحت شجرة معروفة في القرية ولدى جميع الناس، وقف الفلاح طيب القلب ليواسيه ويخفف عنه من حزنه…
الفلاح: “ما بك يا أخي؟!”
الرجل وقد هم بالبكاء: “دعني في مصيبتي”
الفلاح: “احكي لي يا أخي وسأحاول أساعدك على قدر استطاعتي”.
الرجل: “لقد سُرق مني كيس من العملات الذهبية”، وأجهش في البكاء.
الفلاح: “أتعلم إنني أعلم أن قدرهم قليل للغاية ولكنهم أقسم لك كل ما أملك بهذه الحياة، هذه الثلاثة قروش هم جزاء تعبي وشقائي لمدة ثلاثة سنوات، خذهم مني ولا تخذلني يا أخي”.
وفي هذه اللحظة تحول الرجل لقزم صغير، ذهل الفلاح المسكين مما رآه..
القزم: “إنني ساحر هذه الشجرة، وأخرج في كل عام لأحقق ثلاثة أمنيات لمن يستحق، فسألني ثلاثة أمنيات أحققها لك مهما كانت”.
الفلاح: “أريد منك أن تعطيني قوسا بسهام لا تنفذ ولا تخطئ الهدف على الإطلاق مهما صعب، وكمانا أعزف عليه ويجعل كل من يسمعه يعجز عن التوقف عن سماعه وعن الرقص على أنغامه، والطلب الثالث أريد أن أتحكم في من أمامي بالانصياع لكل أوامري”.
القزم: “لك كل ما أردت”، وبالفعل استجاب لأمنياته الثلاثة وانصرف بعدما حققها له في لمح البصر.
عاد الفلاح الأمين للرجل البخيل، ووجده حينها يتهافت على الوصول لوردة جميلة عالية في إحدى الأشجار، فالتقط بعض الحجارة وأخذ يصوبها على الوردة ليسقطها في قبضته، ولكنه لم يستطع فعل ذلك؛ فأقبل عليه الفلاح الأمين…
الفلاح: “ماذا تعطيني مقابل أن أحضر الوردة إليك؟!”
المالك البخيل متذاكيا عليه: “سأعطيك 500 قطعة ذهبية”، وكان في خاطره أن يخل باتفاقه معه بعدما يأخذ منه الوردة.
فأخرج الفلاح سهما وصوبه تجاه الوردة وبالفعل أصابها وصارت في قبضته، فأعطاها للبخيل وطالب بماله، ولكنه أخذها وأكل عليه حقه كعادته مع الجميع.
فأخرج الكمان وصار يعزف، والبخيل يرقص حتى تقطعت عليه ثيابه، فطلب منه أن يأخذ من قميصه 500 قطعة ذهبية ويتوقف عن العزف، ففعل الفلاح ذلك وانصرف.
ولكن البخيل لم تهن عليه الأموال فذهب واشتكاه للقاضي بسرقته أمواله، فأحضره القاضي واتهمه بذلك وحكم عليه بالسجن 5 سنوات، فطلب الفلاح من القاضي أن يسأل البخيل سؤالا واحدا…
الفلاح: “هل أنا سرقتك أن أنت من أعطيتني 500 قطعة ذهبية اتفاقا بيننا مقابل إحضاري لك الوردة، لا تقل إلا صدقا”.
أراد البخيل الكذب ولكن القزم كان قد حقق للفلاح أمنيته بالانصياع لأوامره، فقال البخيل رغما عن أنفه وعنوة: “لم تسرقني ولكنها كانت مكافأة لك وأنا من أعطيتك إياها”.
فحكم عليه القاضي بإعطاء الفلاح الأمين 500 قطعة ذهبية أخرى، وتوزيع كامل أمواله وأرضه على أهل القرية لتعليمه درسا قاسيا وهو تقديمه للأمانة على المال.