قصة الغزالة
ذات يوم في قرية بعيدة في الريف كان يعيش طفلٌ صغير عمره سبع سنوات مع أسرته المكوّنة من أب وأم وجدّة كبيرة في السن، كان الطفل اسمه عمر وكان شعره أشقر ووجه أبيض وعيناه بنيّتي اللون، كان عمر يذهب كلّ صباح إلى المدرسة التي تقع في الغابة، وهي عبارة عن بيت صغير فيه غرفة واحدة كبيرة مصنوعة من الخشب وهي الصف الذي يدرس فيه التلاميذ ويتعلمون القراءة والكتابة والحساب ويحفظون الأناشيد الجميلة. ذات يوم كان عمر عائدًا من المدرسة وإذا به يلمح غزالًا ينظر إليه من بعيد ويناديه بلغة الإنسان وهو يقول له: تعال يا عمر، تعال وساعدني، فخاف عمر وعاد إلى المنزل راكضًا خائفًا ممّا شاهده، فهو يعلم أنّ الحيوانات لها لغة خاصّة بها ولا تعرف كيف تتحدّث بلغة الإنسان، فخاف من ذلك الغزال وركض مسرعًا إلى بيته، وفي المساء أراد أن يخبر والديه بما شاهده ولكنّه خشي ألّا يصدّقاه؛ فليس هنالك حيوان قد تكلّم قبل اليوم ليتكلّم الغزال. لم يخبر عمر أحدًا بما رآه، بل صار يشكّ في نفسه ويقول: هل رأيتُ غزالًا حقًّا، وهل تحدّث إليّ؟ لا بدّ أنّني لم أشاهد شيئًا ولو كنتُ شاهدتُ ذلك الغزال لجاء إلى البيت وطلب مني المساعدة، نعم نعم هو غير موجود وأنا كنتُ أتوهّم ليس إلّا. في اليوم التالي ذهب عمر إلى المدرسة فعلًا وكان خلال سيره إلى المدرسة يفكّر بذلك الغزال الذي رآه، وينظر إلى اليمين وإلى اليسار يحاول أن يرى هل كان هنالك غزال فعلًا أو أنّه قد كان يتوهّم؟ وصل عمر إلى المدرسة ولم يرَ الغزال في مكانه الذي شاهده فيه في اليوم السابق، وطوال دوام المدرسة كان عمر شارد الذهن ولا ينتبه إلى الآنسة يفكّر في الغزال ويعتقد أنّه سيلتقي به في طريق العودة إلى البيت. بعد انتهاء دوام المدرسة عاد عمر كعادته وحيدًا إلى بيته الذي يقع في آخر الغابة، وفي الطريق وقف في نفس المكان الذي رأى فيه الغزال في اليوم السابق، وانتظر قليلًا ينظر في كل الجهات ولكنّه لم يرَ الغزال، وعندما أراد أن يمشي ليعود إلى البيت سمعَ صوتًا من بعيد ينادي: يا عمر، يا عمر، فالتفت عمر وإذا بالغزال الذي قد رآه في اليوم السابق يقف بعيدًا ويناديه، ولكن هذه المرّة لم يخَف عمر، بل أجابه وقال له: ماذا تريد أيّها الغزال؟ فاقترب الغزال منه وقال له: سَيّدي الذي يعطف عليّ، وربّاني منذ كنت غزالًا صغيرًا يحتاج إلى المساعدة وأنا لا يمكنني ذلك، هل تذهب معي إليه؟ قال له عمر: وأين يسكن سيّدك أيّها الغزال؟ فقال: إنّه يسكن في البيت الذي يقع وراء تلك التلة البعيدة، فنظر عمر وعرف المكان، فقال للغزال: انتظرني هنا فأعود إلى البيت وأضع كتبي ودفاتري وأعود إليك، وفعلًا عاد عمر إلى البيت ووضع كتبه المدرسيّة ودفاتره وذهب إلى والده وأخبره بما رأى، فلم يصدّق الوالد ما سمعه من ابنه أوّل مرة، ففكّر أنّ عمر قد نام وشاهد هذا الكلام في منامه، ولكنّ عمر قال له إنّ الغزال ينتظرنا، فخرج والد عمر مع ابنه ليرى ذلك الغزال فيساعده إن كان يحتاج للمساعدة فعلًا. عندما وصل عمر ووالده إلى المكان لم يجدا الغزال، ويبدو أنّه قد هرب عندما رأى والد عمر من بعيد، فلمّا لم يرَ والد عمر الغزال اعتقدَ أنّ عمر قد شاهد هذا الأمر في المنام، ولكنّ حوافر الغزال في الأرض جعلت والد عمر يشكّ في الأمر، فقال له عمر إنّ البيت الذي أشار إليه الغزال يقع خلف الجبل، فذهب عمر ووالده إلى ذلك البيت، فلمّا وصلا وجدا بيتًا بسيطًا مصنوع من الخشب بابه مفتوح، فوقف والد عمر على الباب ونادى، فسمع صوتًا ضعيفًا من الداخل يقول له: تفضّل أيّها الرجل الطيب، فدخل والد عمر وابنه عمر فوجدا رجلًا عجوزًا ضعيفًا مستلقيًا على ظهره. قال الرجل: أهلًا بالطيّبين، أهلًا بالوالد المحب لأبنائه، فقال والد عمر: من أنت؟ وماذا تفعل هنا؟ وما هي قصة الغزال؟ فقال الرجل: أنا حطاب أعمل هنا في الجبال، وذات يوم عدتُ من عملي فوجدتُ هذا الغزال مستلقيًا على الثلج فحملته إلى البيت ودفّأته إلى جانب الموقد، وداويته واكتشفت أنّه يتكلّم وأنّه قد جاء من بلاد بعيدة تتحدث فيها الحيوانات لغة البشر. كان هذا الغزال يساعدني في كل ما أريد، حتى أقعدني المرض ولم أعد أستطيع العمل، فأرسلته ليكلم عمر من أجل أن يساعدني، فقال عمر: أنا لا أستطيع مساعدتك من دون أن أخبر أبي، فقال والد عمر: سوف نأتي إليك كلّ يوم أنا وعمر ونساعدك بما تريد ولكن بعد أن ينتهي دوام عمر في المدرسة. العبرة من هذه القصة يا أصدقائي الأطفال أنّ الولد يجب ألّا يذهب إلى مكان غريب أو أن يتحدّث إلى الغرباء دونَ أن يأخذ إذْن والديه، ويجب عليه أن يصطحب أحدهما معه.