قصـة الجدة السعيدة
بيوم من الأيام وفي إحدى البلاد كانت تعيش امرأة عجوز كبيرة في السن، علمت المعنى الحقيقي السامي للحياة، علمت هذه الجدة أن الحياة ما هي إلا عبارة عن رحلة قصيرة المدى، يقرر خلالها الإنسان منا العيش فيها إما بابتسامة عريضة ورضا في النفس، وإما بقنوط ويأس وطمع بالنفس.
اختارت هذه الجدة طريق السعادة، كانت دوما سعيدة وتشعر بالرضا على الرغم من عدم امتلاكها لأي شيء، فهي تعيش بمنزل متهالك تكاد جدرانه تسقط عليها، وتحصل على طعامها اليومي من خلال مساعدة جيرانها في الأعمال المنزلية مقابل وجبة واحدة من الطعام أو حتى طبق حساء، ومنهم من يقوم بإعطائها قطعة أو قطعتين نقديتين.
وعلى الرغم من كل هذا كانت الجدة تشعر بسعادة مفرطة بالعيش؛ وبيوم من الأيام هبت رياح معلنة عن قدوم فصل الشتاء الذي يحمل البرودة في أيامه الطوال، فرحت الجدة كثيرا بقدومه، وقالت في نفسها: “آن الأوان للذهاب للغابة والقيام بجمع بعض الأخشاب اللازمة لتدفئة جسدي بفصل الشتاء”.
ذهبت الجدة للغابة وهي تغني فرحة بالمناظر الخلابة التي بها، وبينما كانت تسير في طريقها بمنتصف الغابة وجدت قدرا كبيرا من الفخار موضوع بمنتصف الطريق، اعتقدت في البداية أنه لأحد كان قد خيم بالغابة وقد نسيه وتركه، لذلك جلست بجانبه طويلا وهي تنتظر صاحبه، وعندما لم يأتي أحد قالت في نفسها: “ربما أراد صاحبه التخلص منه، يا للحظ أحيانا كثيرة تكون مخلفات أحدهم هي بمثابة كنز لشخص آخر”.
وجاءت الجدة لتحمله وتأخذه فوجدته ثقيلا للغاية، فقامت بفتحه وإذا بها تجد بداخله الكثير والكثير من الذهب، سعدت الجدة كثيراً بالكنز الذي وجدته، ولكنها لا تقدر على حمله من مكانه ففكرت في حيلة لتتمكن من حمله وتعود به لمنزلها، عمدت إلى بعض جذوع الشجر وقامت بربطها ببعضها البعض، ومن ثم حملت بالكاد القدر ووضعته عليها، ومن ثم قامت بسحبها.
وطوال الطريق كانت تفكر فيما ستفعل بكل هذا الذهب…
الجدة تفكر بصوت عالٍ: “سأصبح أخيرا من الأثرياء، سأشتري منزلا جديدا وسأبني به مدفأة وأجلس بجوارها وأحتسي الشاي مثل الملكات، ولن أعمل خادمة بالمنازل بعد الآن، لن أنسى جيراني سأشاركهم الذهب معي ليشعروا بالسعادة مثلي”.
كان قد أصابها الإرهاق والتعب، فعمدت لتستريح، وبينما جاءت لتجلس نظرت للقدر لتمتع عينيها بمنظر الذهب، ولكنها وجدته فضة!
سعدت مجددا، وقالت بصوت عالٍ: “لا بأس بذلك، سيمكنني بيعها وشراء كرسي وبناء مدفأة أيضا واحتساء أجمل كوب من الشاي”.
ومن جديد أصابها التعب، فأرادت أن تستريح لقليل من الوقت، وأُناء ذلك نظرت مجددا للقدر وإذا بها تجد بداخله حديداً بدلا من الفضة!
سعدت مجددا، قالت: “يمكنني بيعه وشراء كرسي من الخشب، والجلوس عليه ولازلت أستطيع احتساء كوب الشاي عليه”.
وأكملت طريقها، وأصابها النصب من جديد فنظرت خلفها لتجد أن القدر بأكمله تحول لصخرة ولكنها صغيرة، فقالت: “لا بأس بذلك، يمكنني إذاً وضعها عند الباب الذي لا يمكنني فتحه كلما أغلقته الرياح”.
وعندما وصلت للمنزل كانت الصخرة قد تحولت لصخرة كبيرة وضخمة للغاية، قالت الجدة: “يا لسعادتي الآن يمكنني الجلوس عليها بدلاً من الكرسي الذي حلمت بشرائه، واحتساء كوب الشاي أيضا”.
وما إن اقتربت من الصخرة لتحملها تحولت لقطعة من القطن، ومن ثم ظهر وحش القطن والذي هو عبارة عن حيوان من القطن له عينين حمراء اللون وحاجبين معقودين.
فقالت الجدة: “يا لك من حيوان جميل للغاية، لطالما حلمت بحصولي على حيوان جميل مثلك”.
فقال الوحش: “يا لكِ من امرأة عجيبة حقا، لقد أردت إغوائكِ بالذهب فسعدتِ، وحولته لفضة سعدتِ أكثر، وحديد وصخرة وما زادكِ الأمر إلا سعادة، والآن تقولي عني أني جميل؟!”
رحل الوحش بتحوله لفراشة وحلق بعيدا؛ وعندما دخلت منزلها وجدته جديدا وفاخرا للغاية، وجدت كل ما حلمت به، وجدت قدر مملوء بالذهب وآخر بالفضة وآخر بالحديد، فسعدت كل جيرانها من حولها بالذهب حيث وضعته لهم سراً.