قصة ممر الإغراء
في يوم ما وجد سلطان أن أموال دولته تتقلص باستمرارٍ وهذا بسبب اختلاس الموظفين له وعدم أمانتهم. وقد كان امين الخزانة الأول دائماً الأسوأ بين باقي الموظفين في الصرافة والمحصلين وقد قام السّلطان بتغييره أكثر من مرةٍ، ومع ذلك الحال لم يتغيّر، مازالت الأموال تسرق.
لذلك طلب السلطان من أحد الحكماء أن يشور عليه، فأرشده حكيم اسمه صديق إلى طريقة يتمكّن بها من إيجاد أمين للخزانة لا يسرق.
قال له صدّيق: سنقوم بدعوة كلّ مَن يتقدّم إلى تلك الوظيفة إلى الرّقص، وعندما نجد من يرقص بخفةٍ أكثر من غيره سيكون ذلك هو أكثرهم أمانةً.
ظنّ السّلطان في البداية أنّه يمزح معه. وعندما تأكّد أنّه جاد، قال له: افعل ما قد تراهُ صحيحًا.
وبالفعل دعا صدّيق كلّ رجل يرغب في شغل منصب الأمين الأوّل للخزانة إلى مقر السلطان، واجبرهم على ارتداء ثيابًا من حرير.
وفي اليوم المُحدّد أتى أربعة وستّون رجلاً مرتدين الحرير، واستعدّ جميع الموسيقيون في قاعة الرّقص.
وطلب السّلطان منهم أن يسير كل رجل منهم بمفرده وذلك في ممرٍ ضيقٍ كان طويل مُظلم، وحسب خطة صديق وضع السّلطان على جانبي الممر رفوفاً تحمل كل ذهبه وأمواله ومجوهراته.
ولمّا رجعوا جميعًا للقاعة أمرَ السلطان أن تبدأ الفرقة في العزف، وقد فوجئ الجميع بطلب السّلطان منهم أن يرقصوا على موسيقى العازفين.
قام الجميع بالرقص ببطءٍ ورؤوسهم مُطأطأة، وكانوا ينظرون بخجلٍ إلى الأرض، وقام كلّ واحدٍ منهم بضمّ ذراعيه إلى جانبه وذلك حتى لا تهتزّ ثيابه ولا يسقطُ ما سرقه أو يحدث صوتًا ما أخفاه في جيوبه.
إلاّ أنّ واحدًا منهم فقط هو من كان يرقص بخفّةٍ وكذلك يتحرّك بحُريةٍ، كان يقف مرفوع الرأس، وثابت النّظرات، مبسوط الذّراعين.
قال صدّيق للملك: “هذا تحديدا هو الرّجل الأمين الذي تبحث عنه يا مولاي! انه شهم أمين قاوم الإغراء ولم يأخذ ما لا يملك”.
على الفور أمر السّلطان بوقف الرّقص. ونادى على ذلك الرجل فعانقه وقبّله ومنحه مباشرة منصب الأول لخزانته.
أمّا جميع الباقين عُوقبوا لخيانتهم. ومنذ ذلك اليوم سُمّى هذا الممر الضّيق بـ “ممر الإغراء“.