قصة في التأني السلامة
بقلم : اسماعيل عبد الفتاح الكافي
جلس الفتى عمر أمام جهاز التلفاز ليشاهد احداث مباراة لكرة القدم، وكان المعلق الرياضي الذي يصف المباراة من خلال شاشة التلفاز يصيح شوط ياماجد .. ماذا تنتظر… بسرعة الوقت يمر»… فالتف عمر، إلى والده وقال: -یا والدي، دائما تقول لي في التأني السلامة، وهاهو اذا مذيع التلفاز يطلب من اللاعب عدم التأني ، فهل هذا معقول؟ فربت الوالد بحنان على كتف ولده… وقال له : – اللاعب لن يسمع صياح المذيع، ومع كل فالمذيع يتمنى إحراز أهداف حتى تشتد إثارة المباراة.. ومع ذلك فلم يتمكن اللاعبون من إحراز أهداف لتعجلهم ذلك.. ففي التأني السلامة دائمة… یاعمر… ولكن … لم يقتنع «عمر» بإجابة والده.. لأنه كان يريد إجابة معاكسة تتناسب مع اندفاعه وعجلته الدائمة.
وبعد قليل… طلب الوالد من عمره أن يشتري للأسرة بعض الأشياء من السوق التجاري»، ففرح الولد بهذا ليمارس هوايته.. قيادة الدراجة بسرعة كبيرة… وقام «عمر، على الفور.. مسرعأ، وأخذ النقود من والده.. ولاحظ الوالد تعجله فقال له: – لا تسرع با «عمر».. فإن في التأني السلامة … – حاضر با والدي.. وانطلق الفتى على الفور راكبأ دراجته دون ان يشعر أو يري عجلات دراجته غير المملوءة بالهواء، وما هي الا مسيرة عشرات الامتار بعيداً عن المنزل حتي بدأ يصدر صوت من إطار العجلة الخلفية ولم يكترث «عمر» إلا بعد أن ازداد الموت وأصبحت حركة الدراجة صعبة للغاية… فنزل ليرى ماذا حدث .. فوجد الإطار الخلفي للدراجة وقد تمزق تماما وأصبحت الدراجة تسير على الإطار الحديدي .
فكر «عمر» ماذا يفعل؟ .. ولم يجد مفرا من حمل الدراجة وعاد إلى المنزل والعرق يتصبب من جسده.. فقال له والده:هذا نتيجة التسرع.. دائمأ يابني في التأني السلامة … وقام الوالد بمساعدة ابنه في تغيير الإطار.. وبعد ما يقرب من ساعة كاملة… أصر «عمر» على الذهاب للشراء من السوق التجاري، برغم طلب والده بعدم الذهاب.. ووافق الوالد على مضض.
لم يكترث «عمر، بما حدث، وقاد الدراجة بسرعة عالية وفوجيء بإحدى السيدات تسير أمامه فحاول الابصطدم بها فانحرف ولم يتمكن من السيطرة على الدراجة فانقلبت به.. فأسرعت السيدة للاطمئنان عليه، فوجدت بعض الخدوش والتسلخات في ذراعيه وساقيه، إلا أن الولد قام على الفور، ونفض التراب عن ملابسه.. وتحسس ساقيه.. ثم ركب الدراجة وسار بها بنفس السرعة !!
وماهي الا لحظات، حتى دوى صوت مزعج شديد نتيجة احتكاك فرامل سيارة مسرعة توقفت فجأة فالتفت المارة فوجدوا الفتى في ناحية والدراجة في ناحية اخرى والسيارة تقف في وسط الطريق، وسائقها ينزل للاطمئنان على الفتي – الحمد لله، سليمه، كيف تسير يافتي في الاتجاه المعاكس وفي وسط الشارع وتسير بدراجتك بهذه السرعة. أهذا معقول قالها السائق وهو غاضب آسف لما حدث ؟ ولكن الفتى عمره قام وسحب دراجته ثم أنطلق بها حتى وصل إلى الاشارة الضوئية فوجدها حمراء.. فلم ينتظر حتى تصبح خضراء» وتسمح له بالعبور فانطلق بدراجته ولكن كانت هناك سيارة قادمة بسرعة في الاتجاه العمودي ، فكادت أن تصدمه لولا استطاعة سائقها الانحراف قليلا .
ولم يدرك الفتى نتيجة تهوره واستطاع اللحاق بالسوق وترك دراجته، ودخل السوق مسرعا ثم انعطفت على أحد المحلات، فأخذ بعض الأشياء وذهب إلى البائع ليعطيه ثمنها ووقف امامه.. وبحث عن النقود .. فلم يجدها.. فصاح: نقودي .. ضاعت . وخرج مسرعا أملا البحث عن نقوده.. فلم يجد دراجته فصاح – دراجتي .. دراجتي !! فنظر إليه أحد الواقفين وقال – لقد اخذتها سيارة المرور لأنها واقفة في الشارع الرئيس.. لماذا لم تتركها يافتي في المكان المخصص للدراجات ؟؟… فصاح عمره .. وقد غمره الحزن – لعن الله العجلة والتسرع.. حنة. في العجلة الندامة .. نقودي ودراجتي .. كيف سأذهب إلى المنزل الأن؟!
وبعد قليل .. توقف له أحد السائقين وعرض عليه توصيله إلى المنزل، فشكره «عمر، مرحبا، وعندما جلس بجوار قائد السيارة طلب منه ربط حزام الامان حول صدره، فسأله لماذا يا استاذ، فأجاب : لأنه حزام الامان الذي قد ينقذ حياتنا في حالة الحوادث لا قدر الله .. وسار السائق بسيارته دون تسرع حتي وصل امام منزل عمر الذي أبدي اعجابه بقيادته الرزينة للسيارة وفي المنزل ابتسم والده عندما شاهده وقال له : ألم اقل لك يا عمر في التأني السلامة، لقد تعجلت فنسيت اخذ النقود وكدت تهلك وفقدت دراجتك، قال عمر : حقاً يا والدي، في العجلة الندامة وفي التأني السلامة، ولن اتعجل بعد ذلك ابداً ابداً ان شاء الله .