قصة عن الرحمة والكبر
كان هناك طفلان، يدعون أحمد وخالد. كانوا يعيشون في نفس الحارة، ويذهبون إلى نفس المدرسة. كانوا يلعبون معاً كل يوم، ويتشاركون الألعاب والحلوى. كانوا أصدقاء حميمين، ولا يفترقون عن بعضهم البعض.
لكن كان هناك فرق بينهم في طباعهم وسلوكهم. كان أحمد طيباً ومتواضعاً وشاكراً. كان يحب أهله وأصدقائه، ويحترم المعلمين والكبار. كان يدرس بجد، ويصلي بإخلاص، ويتصدق بسخاء. كان خالد مغروراً وطاغياً وجشعاً. كان يكره أهله وأصدقائه، ويستهزئ بالمعلمين والكبار. كان يتكاسل عن الدراسة، ويتهاون بالصلاة، ويبخل بالزكاة.
في أحد الأيام، قرر الطفلان أن يذهبوا إلى الحديقة، ليلعبوا مع الأطفال الآخرين. أخذوا معهم بعض الألعاب، مثل الكرة والطائرة والسيارة. ثم خرجوا من المنزل، وساروا نحو الحديقة. في الطريق، رأوا رجلاً فقيراً، يجلس على الرصيف، ويمد يده للمارة. كان الرجل عجوزاً وضعيفاً ومريضاً. كان لديه عصا للمشي، وثوب للتغطية.
“يرحمك الله” قال الرجل للطفلين. “أعطوني شيئاً من المال أو الطعام. فأنا جائع وعطشان.”
سمع الطفلان كلام الرجل، فتفاعلا معه بشكل مختلف. تأثر أحمد بحالة الرجل، فشعر بالرحمة والتعاطف. فتح محفظته، وأخرج منها خمسة دراهم. ثم أعطى المال للرجل، وقال له:
“خذ هذه الخمسة دراهم. اشتر بها شيئاً تأكله أو تشربه. فأنت تستحقها.”
لم يبال خالد بحالة الرجل، فاستهان به وسخر منه. أغلق محفظته، وأخفى يده خلف ظهره. ثم قال للرجل بصوت عالٍ وغاضب:
“اذهب بعيداً عنا. لا نملك شيئاً لنعطيك. فأنت كسول ومتسول. لماذا لا تعمل وتكسب؟”
سمع الرجل كلام خالد، فحزن كثيراً. نظر إلى الطفل بعينين دامعتين، وقال له:
“لا تقل هذه الأشياء القبيحة. فأنا لست كسولاً أو متسولاً. كنت شاباً نشيطاً وعاملاً مجتهداً. كسبت المال بصدق وأمانة. لكن الحياة غيرت مصيري. فقدت عائلتي ومنزلي وصحتي في حادث مروع. أصبحت وحيداً وفقيراً ومريضاً. لم يبق لي سوى الله ورحمته.”
سمع أحمد كلام الرجل، فزاد في رحمته وإحسانه. اقترب من الرجل، وأخذ يده بود. ثم قال له:
“لا تحزن يا عمي. فأنت لست وحيداً. فأنا أحبك في الله، وأريد أن أساعدك. هل تسمح لي أن أصطحبك إلى منزلنا؟ سوف نعطيك طعاماً وشراباً، ونعالج جروحك، ونواسي قلبك.”
سمع الرجل كلام أحمد، ففرح كثيراً. ابتسم إلى الطفل بوجه باهر، وقال له:
“جزاك الله خيراً يا بني. فأنت طفل صالح وكريم. أقبل على دعوتك بشكر وامتنان. فأنت تستحق المحبة والبركة.”
ثم نهض الرجل من مكانه، واتبع أحمد إلى منزله. أما خالد، فغضب من تصرف صديقه، وانصرف إلى الحديقة.
العبرة من هذه القصة هي أننا يجب أن نكون رحماء ومحسنين مع الفقراء والمحتاجين. فهم إخواننا في الإنسانية، ويستحقون المساعدة والدعم. كما أننا يجب أن نتجنب الكبر والطغيان والجشع. فهذه الصفات تبعدنا عن الله ورضاه، وتجلب لنا الشقاء والعذاب.
وهكذا انتهت القصة.