كان هناك طفل يدعى عمر يحب اللعب مع أصدقائه في الحديقة. كان عمر يمتلك كرة جميلة ولامعة كان يفتخر بها دائما. ولكن عمر كان أيضا طفلا مغرورا وأنانيا، فلم يشارك أحدا بكرته ولم يسمح لأحد أن يلمسها. كان يقول لأصدقائه: “هذه كرتي ولا أحد يستطيع أن يلعب بها إلا أنا. إنها أجمل وأغلى كرة في العالم”.

في يوم من الأيام، ذهب عمر إلى الحديقة مع كرته كالعادة. وجد هناك طفلا جديدا يدعى سامي يلعب مع أصدقائه. كان سامي يمتلك كرة بسيطة وقديمة، لكنه كان طفلا طيبا وكريما، فشارك أصدقائه بكرته وسمح لهم بأن يلعبوا بها. رأى عمر سامي وأصدقائه يلعبون بسعادة، فشعر بالغيرة منهم. قال في نفسه: “لماذا يلعب هؤلاء الأطفال بكرة قديمة وبسيطة؟ لو كانوا يعرفون مدى جمال وثمن كرتي، لتركوا كرتهم وجاؤوا إلي”.

فقرر عمر أن يذهب إلى سامي وأصدقائه ويظهر لهم كرته الجميلة. وصل عمر إلى المجموعة وقال: “أهلا بكم، أنا عمر. هل تودون أن تروا كرتي؟ إنها أجمل وأغلى كرة في العالم”. فانتظر عمر رد فعل الأطفال، متوقعا أن ينبهروا بكرته ويطلبوا منه أن يشاركهم بها. لكن ما حدث كان عكس توقعاته.

فقد نظر الأطفال إلى كرت عمر بلا اهتمام، وقالوا: “شكرا لك، عمر، لكننا لسنا بحاجة إلى كرتك. نحن نستمتع باللعب بكرة سامي، فهي تكفينا”. ثم استأنفوا لعبهم دون الالتفات إلى عمر. شعر عمر بالدهشة والإحباط، فلم يصدق ما سمع. قال في نفسه: “كيف لهؤلاء الأطفال أن يرفضوا كرتي؟ هل هم أغبياء؟ هل لا يرون مدى جودتها وبريقها؟”

فحاول عمر مجددا أن يجذب انتباه الأطفال إلى كرته، فقال: “إن كرتي ليست كأي كرة. إنها مصنوعة من مادة خاصة تجعلها تضيء في الظلام. هل تودون أن تجربوها؟”

فقال سامي: “شكرا لك، عمر، لكننا لا نحتاج إلى كرة تضيء في الظلام. نحن نلعب في النهار، ونحن نحب كرتنا كما هي. إنها ترتد بقوة وتسير بسرعة. هل تود أن تلعب معنا؟” فقال عمر: “لا شكرا، أنا لا ألعب مع أطفال يلعبون بكرات قديمة وبسيطة. أنا ألعب فقط مع أطفال يمتلكون كرات جميلة ولامعة مثل كرتي”. ثم انصرف عمر بغضب، محملا كرته معه.

ذهب عمر إلى جانب آخر من الحديقة، وبدأ يلعب بكرته وحده. كان يرمي الكرة في الهواء ويستقبلها بيديه، ثم يدور بها حول جسده، ثم يضربها بقدمه. كان يظن أنه يستمتع باللعب، لكن في الحقيقة كان يشعر بالوحدة والملل. لم يجد أحدا يشاركه اللعب أو يثني على مهاراته. كان ينظر إلى سامي وأصدقائه من بعيد، ويسمع ضحكاتهم وصيحاتهم. كان يتمنى أن يكون معهم، لكنه كان فخورا جدا ليعترف بذلك.

في أثناء ذلك، كان هناك رجل شرير يتجول في الحديقة، يبحث عن فرصة لسرقة الأطفال. رأى الرجل عمر وهو يلعب بكرته الجميلة، فشعر بالجشع. قال في نفسه: “إن هذه الكرة تبدو ثمينة جدا. لو استطعت أن أسرقها من هذا الطفل، فسأستطيع أن أبيعها بثمن كبير”. فقرر الرجل أن يخطف عمر ويأخذ كرته منه.

فتقدم الرجل نحو عمر بخطوات هادئة، وحين اقترب منه، قام بإمساك عمر من ذراعه وسحبه إلى جانب. قال له: “أعطني كرتك، يا صغير. إلا إذا أردت أن أؤذيك”. فخاف عمر من الرجل، فأسقط الكرة من يده وصاح: “أتركني! أتركني!”.

ولحسن الحظ، سمع سامي وأصدقاؤه صوت عمر، فالتفتوا إلى جانبه. رأوا الرجل وهو يحاول سحب عمر معه، فشعروا بالخوف والغضب. قال سامي: “أيها الشخص السيء! اترك عمر! هو صديقنا!”

ثم رمى سامي كرته نحو الرجل بقوة، فأصابه في وجهه. تألم الرجل وترك عمر، ثم حاول أن يهرب. لكن سامي وأصدقاؤه لم يسمحوا له بذلك، فركضوا خلفه وصرخوا: “أوقفوه! أوقفوه! هذا رجل سارق!” فسمع الناس في الحديقة صيحات الأطفال، فانتبهوا إلى ما يحدث. رأوا الرجل وهو يحمل كرة عمر، فعرفوا أنه قد حاول سرقتها. فانضم الناس إلى الأطفال في مطاردة الرجل، حتى ألقوا القبض عليه وسلموه إلى الشرطة.

عاد عمر إلى كرته، فأخذها بيديه وشكر سامي وأصدقائه على مساعدته. قال لهم: “أنتم أصدقاء حقيقيون. أنا آسف على ما قلته لكم من قبل. كنت مغرورا وأنانيا. لقد تعلمت درسا مهما اليوم. إن الكرة ليست مجرد شيء مادي، بل هي وسيلة للتعبير عن المحبة والصداقة. أنا سعيد بأن أشارككم كرتي، فهي ليست أغلى منكم”. ثم قدم عمر كرته إلى سامي، وقال: “تفضل، يا سامي. هذه هدية مني إليك. أنت تستحقها أكثر مني”.

فابتسم سامي وشكر عمر على كلماته وهديته. قال له: “شكرا لك، يا عمر. أنت كريم جدا. لكنني لا أحتاج إلى كرتك. أنا سعيد بكرتي البسيطة، فهي تذكرني بأبي الذي أعطاني إياها قبل أن يموت. أنت احتفظ بكرتك، فإنها تليق بك”. ثم قال سامي: “ولكن هناك شيء واحد أود أن تفعله”. فسأل عمر: “وما هو؟” فقال سامي: “أود أن تلعب معنا”. فضحك عمر ووافق على طلب سامي. ثم انضم عمر إلى سامي وأصدقائه، وبدأوا يلعبون بالكرات معًا.

وهكذا انتهت قصة عمر وسامي والكرات. والعبرة من هذه القصة هي: إن المادة لا تشتري السعادة، بل السعادة تكمن في المحبة والصداقة. وإن التواضع والكرم هما صفتان جميلتان تجذبان الآخرين إلينا، بينما التغطية والأنانية هما صفتان سيئتان تبعدان الآخرين عنا. وإن اللعب مع الأصدقاء أمتع من اللعب وحده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *