تبقى ولادة حي بن يقظان لغزا كبيرا ، ولكن على الرغم من ذلك فان اغلب الروايات تقول انه ولد ولادة طبيعية من ام كانت شقيقة ملك احدى الجزر في الهند ومن اب كان قريب لها وهو يقظان ، ولم يكن هذا الزواج بموافقة الملك ولذلك عند ولادة حي بن يقظان وضعته امه داخل تابوت والقته في البحر لتقظفه الامواج الى شاطئ جزيرة مجاورة كانت تسمى جزيرة ( الواق واق ) ، و كانت المشيئة الالهية ان هناك ظبية ( حيوان يشبه الغزال ) تبحث عن صغيرها فسمعت صراخ يصدر من التابوت لتكتشف انه صبي صغير فأخذته واهتمت به .

ظلت الظبية تهتم بحي حتى بلغ سبع سنوات وبعدها ماتت الظبية ، كان حي مولعا بفكرة اكتشاف سبب وفاة الظبية فقام بتشريحها ، ومن هنا بدأت تتكون عند حي المعرفة من خلال الحواس و التجربة ، واخذ حي بن يقظان يكتشف الاجسام من حوله واكتشف حي ان الكائنات في الحقيقة متشابهة في المادة ولكنها تختلف من حيث الصور ، وبعد ذلك انتقل حي لاكتشاف الفضاء ، وعند بلوغه سن 35 عام توصل حي بن يقظان الى ان النفس منفصلة تماما عن الجسد ، وقد ركز الفيلسوف ابن الطفيل في روايته على الوصول الى حلول للمشاكل الرئيسية الثلاثة والتي ظهرت خلال عصره.

كانت المشكلة الاولى هي ان الانسان بمفرده لديه القدرة على الوصول الى مستوى الانسان الكامل وذلك من خلال مراقبة الطبيعة و التفكير بها دون ان يتلقى هذا الانسان اي تعليم ، اما الثانية فهي ان المعلومات التي يحصل عليها الانسان بواسطة التجربة و الملاحظة و الاستدلال لا تتعارض مع الوحي بمعنى ان الدين و الفلسفة ( العلم ) في توافق وهذا التوافق من دون اي تعارض ، ومن المشاكل ايضا في عصر ابن الطفيل هي امكانية الشخص الوصول الى المعلومات او الحقائق المطلقة وان اي شخص في الحياة قادر على الوصول الى ذلك.

ركز ابن الطفيل خلال روايته على انه لا يوجد تعارض بين الدين و الفلسفة ، فقصة حي بن يقظان تمثل العقل الانساني الذي يملأه نور العالم العلوي فيصل به الى حقائق الكون ليس بالتعلم و انما بالفطرة و التأمل ، وتؤكد هذه الرواية على اهمية التجربة الذاتية في الخبرة الدينية و الفكرية ، وقد تركت هذه الرواية أثرها في الكثير من الجامعات و المفكرين حتى تمت ترجمتها الى اللاتينية و اللغات الاوروبية الحديثة ، ويرى الكثير من النقاد و الادباء ان رواية حي بن يقظان لابن الطفيل هي افضل رواية خلال العصور الوسطى جميعا.

تمت ترجمة رواية حي بن يقظان الى اللاتينية وكان ذلك في كتاب ( الفيلسوف الذي علم نفسه ) ، وقد تم نشر هذا الكتاب في اوروبا عام 1671 م ، وقد اعد هذا الكتاب ( ادوارد بوكوك ) ، وقد لاقت هذه الرواية اهتماما كبيرا للغاية من قبل اهل الفلسفة و العلم ، الامر الذي دفع الكثير من الفلاسفة و المفكرين الى التهافت على دراسة فكرة ان العقل بمفرده يقود الى الخالق ، ولم تتوقف ترجمة الرواية عند اللغة اللاتينية فقط بل تمت ترجمتها الى العديد من اللغات الاخرى.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *