قصة الناصح الصغير
جلس أحمد كعادته مع عمر في فترة الفسحة بساحة المدرسة يتناقشان في بعض الدروس الجديدة التي تشغلهما لاحظ عمر اقتراب تلميذ صغير من طلاب الصف الأول القى عليهما السلام ثم أشار لأحمد فاستأذن أحمد من عمر ووقف بعض لحظات مع هذا التلميذ ثم شكره وعاد لعمر تعجب عمر مما حدث فقال لأحمد ماذا حدث يا أحمد وفيم كان يريدك هذا الولد ؟| ابتسم أحمد وهو يقول: لقد أخطأت أثناء أداء صلاة الظهر وقد جاء هذا الولد لينصحني ويوضح لي خطئي.
استغرب عمر كثيرا وقال لاحمد، کیف تركته بنصحك ؟ إنه أصغر منك، بل هو مازال في الصف الأول وانت في الصف الثالثة رد عليه أحمد بكل هدوء يجب أن أستمع له فهو أعلم مني بالصلاة لان والده هو امام المسجد وقد علمه الكثير من احكام الدين، ولماذا لا استمع لن هو أصغر مني أذا تحققت فيه شروط النصيحة قاطعه عمر قائلا: شروط النصيحة؟ وما هي؟ ابتسم احمد وشرح له قائلا: اولا أن يكون عالما بما ينصح به وثانيا الا ينصحني وسط الناس حتى لا يفضحني.
داعب عمرخصلات شعره وهو يقول: نعم، عرفت الآن لماذا اشار اليك لتذهب اليه حتى لا ينصحك أمامي وضع أحمد يده على كتف عمر وهو يبتسم في وجهه، هل تعلم أن عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين استمع لحديث طفل وقبل نصحه ووصيته؟؟ أسرع عمر يقوله الخليفة عمر بن عبد العزيز، كيف حدث هذا؟
أجابه أحمد، أتي وفد من احدى القبائل يوما على الخليفة عمر بن عبد العزيز فدخلوا عليه ليحدثوه وتقدم ينوب عنهم غلام صغير السن لم يتجاوز العاشرة من عمره وبدأ الحديث فتعجب عمر بن عبد العزيز منه فتظر لقومه فوجدهم صامتين قد ارتضوا تقدمه، فسأله عمر: أي بني الا ترى ان من الخير أن يتقدم من هو أسن منك ليتحدث بدلا عنك؟ فأسرع الغلام قائلا ان المرء لا يكون بسته او بدنه وانما يكون بأصغريه قلبه ولسانه، واذا منح الله العبد لسانا لافظا وقلبا حافظا فقد استحق الكلام دون سواه، يا أمير المؤمنين لو كان الأمر بالسن لكان هناك من هو احق منك بالخلافة فابتسم عمر بن عبدالعزيز في اعجاب شديد بحكمته وسرعة بديهته ثم قال في حماس شديد، صدقت يا بني تكلم فإن الكلام هو السحرالحلال.
وعندئذ بدا السفير الصغير الحديث قائلا يا أمير المؤمنين نحن وفد التهنئة ولم يقدم أحد منا إليك رهبة منك أو رغبة فيما عندك، لأنك بدأت حكمك بالعدل فأمنا في أيامك ما خفنا، وأدركنا ما طلبناه وعندما انتهى السفير الصغير من حديثه أمر الخليفة عمر بن عبد العزيز قومه بأن يرفعوه فوق مرقبته، لأن فيه فصاحة وحسن نطق وذكاء أشار عمر بيده وهو يصيح: الأن فهمت، علي ان اقبل النصيحة ان كانت من صغير وكبير المهم أن يلتزم بشروطها وألا يفضحني بين الناس .