قصة الطفلة التي تهاب الوقوف أمام الضيوف
يوم من الأيام ترك أبوان ابنتهما الوحيدة بالمنزل بإحدى الليالي قارصة البرودة خوفا عليها من شدة البرد بالخارج، كان لزاما عليهما حضور إحدى الحفلات التي دعيا عليها.
جلست الطفلة أمام التلفاز بجوار لعبتها الدب الصغيرة، وكانت الطفلة مستمتعة للغاية بمشاهدة البرامج التي تحبها، وأثناء استمتاعها بالمشاهدة أمسكت ببعض الحلوى لتأكلها، وإذا بها تتذكر الحف المدرسي الخاص بها وحفل تخرجها بنهاية عامها الدراسي، وتذكرت القصائد التي توجب عليها إلقائها أمام الجميع، فأصيبت الطفلة الصغيرة بالذعر لمجرد تفكيرها بالأمر.
لقد كانت هذه الطفلة تهاب من الوقوف أمام الضيوف بدرجة أكبر من الوقوف أمام زملائها بالفصل وقول إجابتها، كانت لديها مخاوف شديدة ولا تملك الشجاعة والجرأة للقيام بكل ذلك.
وفجأة وجدت الطفلة التلفاز مشوش ولا تستطيع رؤية شيء منه، ومن ثم ظهر أمامها المذيع يعلمها بقدوم الضيوف لمنزلها بدلا من الحفل بالمدرسة، وأن كل الضيوف يحملون لها الهدايا الرائعة، وبكل ثانية يخبرها عن المكان الذي وصلوا إليه، وآخر ما أخبرها به أنهم يقفون أمام بابا منزلها، ولم تجرؤ الطفلة على فتح الباب لشدة خوفها، ولكن تم فتحه ودخل من خلاله ثلاثة من الضيوف المتنكرين، وإذا بهم يهتفون ويضحكون ويرغبون بالاستماع والإصغاء لقصائدها.
وجدت الطفلة نفسها وقد نسيت تماما كل ما حفظته من القصائد والتي أمضت الكثير من الوقت في حفظها وإتقانها، وبخوف وتردد أمسكت الكرسي الصغير وصعدت فوقه في محاولة منها لإلقاء قصيدة حتى وإن صغرت.
وكلما نظرت للضيوف شعرت بخوف كبيرة بقلبها، وجدت قلبها ينبض بسرعة فائقة وجميع أجزاء جسدها شرعت في الارتجاف، ربط عليها لسانها فلم تستطع قول ولا تذكر ولو حتى كلمة واحدة.
تمنت الطفلة أن تهرب من كل الضيوف الذين هددوها بحرمانها من الهدايا الرائعة التي أحضروها لها بالفعل، وكلما تمنت الهروب وأخلصت في ذلك ارتفع بها الكرسي للأعلى وللأعلى، كان الكرسي يتفادى بها الضيوف ولكنه أيضا يقترب بها للسقف، وكلما ارتفع كلما ازداد عليها ضيقا.
ارتجفت قدمي الطفلة الصغيرة جلست وتشبثت بالكرسي، أغمضت عينيها ووضعت يديها على أذنيها، وإذا بيد من الخلف تمتد إليها، لقد كان أحد الضيوف استطاع أن يتسلق النجفة، لقد كان جميع لضيوف في أزياء تنكرية مما أثر الرعب بقلب الطفلة الصغيرة..
الضيف: “ألقي قصائدكِ وإلا حرمكِ كل هؤلاء الضيوف من الهدايا الخاصة بكِ، واعتبروكِ فاشلة وخاسرة، واستهزئوا بكِ أيضا”.
شعرت الطفلة بقرب سقوطها من على الكرسي المرتفع، كما أنها شعرت بأنها ستفقد حياتها، لذلك استجمعت كامل شجاعتها وقواها قائلة: “إنني لا أهاب شيئا ولا أخشى الوقوف أمام الضيوف، وسأبدأ في إلقاء كل ما حفظت من القصائد”.
وما إن شرعت الطفلة في إلقاء القصائد بصوت مرتفع وبثقة بنفسها وثبات حتى وجدت الكرسي يرتجف من أسفلها، وإذا بالفتاة تسقط من على الكرسي أرضا وتصرخ مستغيثة ومستجيرة بأي أحد لإنقاذها.
وعندما وجدت نفسها على الأرض فتحت عينيها وإذا بها تجد أمامها والدها ووالدتها قد عادا من الليل من الخارج، وكانت الطفلة قد نامت على الأريكة فقام والدها بحملها وإدخالها لغرفتها، وأتاها والديها بالصباح الباكر ليوقظاها حتى لا تتأخر عن موعد حفل تخرجها.
كانت والدتها تعلم مدى خوف ابنتها من الظهور والوقوف أمام الآخرين، لذلك اقتربت منها والدتها ووالدها وقاما بتشجيعها ووعداها بالكثير من الهدايا التي تحبها وترغب بها كثيرا.
تذكرت الطفلة حلمها وأنها بالنهاية سقطت بسبب مخاوفها، لذلك صمدت بالحفل وألقت كل القصائد التي تحفظها عن ظهر قلب، أدتها بثبات وثقة بالنفس، لقد أعجب جميع الحاضرين بأدائها الرائع، وصفقوا لها عاليا.
شعرت الطفلة بالسعادة لتفوقها على نفسها والتغلب على مخاوفها، كما أنها حصلت على كل الهدايا التي كانت تخشى أن تفقدها.