كان هناك رجل غني جدا، يملك كل شيء في الدنيا. لكنه كان متكبرا ومغرورا، ولا يحترم الفقراء والمساكين. كان يستهزئ بهم ويسخر منهم، ويعتبرهم أقل منه قدرا وشأنا. ذات يوم، خرج الرجل الغني من قصره الفخم، ورأى رجلا فقيرا يجلس على الأرض، يأكل بعض الخبز اليابس. فقال له الغني بسخرية: “ألا تستحي من نفسك؟ أنت تأكل خبزا يابسا، وأنا أأكل طعاما شهيا وفاخرا. أنت تلبس ثيابا ممزقة، وأنا ألبس ثيابا جميلة وغالية. أنت تسكن في بيت صغير وضيق، وأنا أسكن في قصر كبير وواسع. أنت لا تملك شيئا في هذه الحياة، وأنا أملك كل شيء. ألا تحسدني على ما أملك؟”

فأجابه الفقير بحكمة: “لا أحسدك على ما تملك في هذه الحياة، فإنه ليس لك إلا مؤقتا. فإذا مت، فإن كل مالك وثروتك ستبقى خلفك، ولا تستفيد منها شيئا. أما أنا فإني راض بما قسم الله لي من رزق، فإنه يكفيني ولا أطمع في زيادة. وإذا مت، فإن خبزي اليابس وثوبي الممزق سيرافقاني إلى قبري، ولا يخذلاني. فأنت تظن نفسك غنيا في هذه الدنيا، ولكنك فقير في الآخرة. وأنا أظن نفسي فقير في هذه الدنيا، ولكني غني في الآخرة.”

فسكت الغني عند سماع هذه الكلمات، وشعر بالخجل من نفسه. فدرك أن المال والثروة لا تجعل الإنسان سعيدا، بل الإيمان بالله والرضى بقضائه. فقرر أن يغير حاله، وأن يصبح رجلا صالحا ومحسنا. فبدأ يتصدق على الفقراء والمساكين، ويحترمهم ويلطف بهم. وبدأ يشارك في الخيرات والصدقات، ويلبس ثوب التواضع والود. فصار الغني حبيباً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *