قصة الجشع يهلك صاحبه
اهلا وسهلا بكم متابعي موقع قصص
لقد اضفنا اليوم قصة جديدة
استمتعوا!
هذه القصة من حصريات موقع قصص
كان حسن رجلاً فقيراً، يعمل في الزراعة. كان يعيش في بيت صغير مع زوجته فاطمة وأولاده الثلاثة: علي، أحمد ومريم. كان يكافح من أجل توفير قوت يومهم، ولم يعرف معنى الراحة أو السعادة.
في يوم من الأيام، كان حسن يحرث حديقته، عندما شعر بشيء صلب تحت المحراث. توقف عن العمل، ونزل إلى الأرض لينظر ما هو. فوجد صندوقاً خشبياً مغلقاً بالمسامير. فتحه بصعوبة، واندهش من ما رأى.
كان الصندوق مليئاً بالذهب والجواهر والعملات النادرة. كان كنزاً ضخماً، ربما يكفي ليعيش به حسن وعائلته مدى الحياة. شعر حسن بالفرح والدهشة، وظن أنه حلم. لكنه سرعان ما استوعب أنه حقيقة.
فكر حسن في ما يجب أن يفعل. هل يخبر زوجته وأولاده عن الكنز؟ هل يشاركهم به؟ هل يبلغ السلطات عنه؟ هل يتبرع به للفقراء؟
ولكن سرعان ما غلبته رغبة أخرى: رغبة الجشع. شعر حسن بأنه لا يستحق أن يشارك أحداً بهذا الكنز. فهو من وجده، وهو من يستحقه. ظن أن زوجته وأولاده سيطمعون فيه، وسيحاولون سرقته منه. ظن أن السلطات ستأخذه منه، وستزعم أنه ملك للدولة. ظن أن الفقراء سيستغلون رحمته، وسيطالبون به كأجرة.
فقرر حسن أن يخفي الكنز عن الجميع، وألا يخبر أحداً به. أغلق الصندوق، وحمله إلى داخل بيته. وضعه في غرفة نومه، تحت سريره. ثم غطى على المكان ببطانية، ليخفي أثره.
ثم خرج من الغرفة، وأغلق الباب خلفه. تظاهر بالبرودة واللا مبالاة، وذهب إلى زوجته وأولاده. لم يخبرهم بشيء، وتصرف كالمعتاد. لكن في داخله، كان يشعر بالسرور والغطرسة.
- ماذا فعلت في حديقتك؟ سألته فاطمة.
- لا شيء، قال حسن. فقط حرثت الأرض، وسقيت النباتات.
- هل تحتاج إلى مساعدة؟ سأله علي.
- لا، قال حسن. أنا بخير، شكراً لك.
- هل تريد أن تلعب معنا؟ سألته مريم.
- لا، قال حسن. أنا مشغول، اذهبوا والعبوا بعيداً عني.
كان حسن يرفض كل محاولات زوجته وأولاده للتقرب منه. كان يريد أن يبقى وحيداً، مع كنزه. كان يفكر في كيفية استخدامه، وماذا سيشتري به. كان يحلم بالثراء والرفاهية والمجد.
ولكن حسن لم يكن يدرك أن هذا الكنز سيكون نقمة عليه، وليس نعمة. فبسبب جشعه، بدأ يفقد كل شيء. بدأ يفقد زوجته وأولاده، الذين شعروا بالإهمال والحزن من تصرفاته. بدأوا يبتعدون عنه، ويكرهونه.
بدأ يفقد أصدقاءه وجيرانه، الذين شعروا بالغرابة والشك من سلوكه. بدأوا يتحدثون عنه بالسوء، ويتجنبون التعامل معه.
بدأ يفقد صحته وعافيته، فبسبب خوفه من فقدان الكنز، لم يستطع النوم أو الأكل أو الراحة. بدأ يصاب بالأرق والقلق والتوتر. بدأ يشعر بالضعف والمرض.
لكن رغم كل هذا، لم يستطع حسن التخلي عن الكنز.
- كان مولعاً به، ومهووساً به. كان يحبه أكثر من أي شيء آخر في العالم. كان يظن أنه سيجعله سعيداً ومحترماً وناجحاً.
- لكن في يوم من الأيام، حدث شيء غير متوقع. فبينما كان حسن في غرفته، ينظر إلى الكنز بعيون مشتهية، سمع صوت انفجار قوي. خرج من الغرفة، ورأى مشهداً مروعاً.
- كانت حديقته قد انفجرت، واندلع فيها حريق هائل. كان هناك رجال ملثمون، يحملون أسلحة وقنابل. كانوا لصوصاً، سمعوا عن الكنز، وأرادوا سرقته. دخلوا إلى بيت حسن، وبدأوا في تفتيشه.
- رأى حسن زوجته وأولاده، يصرخون ويبكون. كانوا محاصرين في زاوية من البيت، ويرهبهم اللصوص. كانوا في خطر شديد، ويحتاجون إلى مساعدة.
- شعر حسن بالخوف والذعر، وحاول إنقاذ عائلته. لكن قبل أن يصل إليهم، توقفه أحد اللصوص. أشار إليه بمسدسه، وقال له:
- أين الكنز؟ أخبرني بسرعة، أو أقتلك.
- نظر حسن إلى اللص، وشعر بالحيرة والارتباك. هل يخبره عن مكان الكنز؟ هل يضحي به لإنقاذ عائلته؟ هل يستطيع التخلي عنه؟
- لكن سرعان ما غلبته رغبة أخرى: رغبة الجشع. شعر حسن بأنه لا يستطيع فقدان الكنز. فهو كل ما يملك في الحياة. فهو مصدر سعادته وفخره وقوته.
- فقال للص بصوت منخفض:
- لا أعرف عن أي كنز تتحدث. ليس لدي كنز. اذهب بعيداً عني.
- لم يصدق اللص كلام حسن، وظن أنه يكذب. فزاد من تهديده، وقال له:
- لا تكذب علي، أيها الفقير. نحن نعرف أنك وجدت كنزاً في حديقتك.
- نحن نعرف أنك وجدت كنزاً في حديقتك. نحن نريده، وسنأخذه بالقوة. فأخبرني أين هو، أو سأضرب رصاصة في رأسك.
- لم يستسلم حسن للتهديد، وأصر على نفي وجود الكنز. فغضب اللص، وأطلق النار عليه. أصابه في صدره، وأرداه قتيلاً.
- سمعت فاطمة والأولاد صوت الرصاصة، ونظروا إلى حسن. رأوه يسقط على الأرض، مغطى بالدماء. صرخوا بالبكاء والحزن، ونادوا باسمه.
- لكن حسن لم يستطع الرد عليهم، فقد فارق الحياة. تركهم وحيدين، مع اللصوص. تركهم بدون حماية أو معونة. تركهم بدون حب أو رحمة.
- تركهم من أجل الكنز.
وهكذا انتهت قصة حسن والكنز. قصة عبرة وحكمة. قصة تعلمنا أن الجشع خطيئة كبيرة، وأنه يؤدي إلى الخسارة والفشل. قصة تعلمنا أن المال ليس كل شيء في الحياة، وأنه لا يشتري السعادة أو السلام. قصة تعلمنا أن العائلة هي أغلى كنز، وأنه يجب أن نحافظ عليها ونشاركها بكل ما نملك.