قصة القمر الأحمر
“ماجد” طفل صغير يقضي كل إجازته بقرية جده، لقد كان جده عمدة البلدة، كان ماجد يستمتع بكل شيء بالقرية وبخاصة القمر الذي كان لونه أحمر بهذه الليلة.
“ماجد” يحب الرسم للغاية، وأثناء قيامه بالهواية التي يحبها بحجرته الخاصة بمنزل جده، سمع ضجة بأصوات عالية خارج المنزل، وبسرعة بالغة ركض ماجد تجاه جده ليستبين الأمر: “جدي ما الأمر، لم حشود من الناس بالخارج، ويصدرون كل هذه الضجة؟!”.
رد عليه جد وقد كان يستعد للخروج: “يا حفيدي العزيز، إنهم في انتظار أول إشارة مني لطرق الأواني والطوف بكل أنحاء القرية، حتى يخاف من يخنق القمر فيقوم بإفلاته في الحال”.
صدم “ماجد” مما سمع من جده، وقال في نفسه الولد المؤدب: “هل جدي يصدق هذا؟!”.
هم جده بالخروج، وهنا أمسك “ماجد” بيد جده: “يا جدي كلها خرافات، لا يوجد من يخنق القمر كما تعتقدون، كل ما علينا فعله هو الانتظار”.
الجد: “لقد تعودنا على ذلك من زمن بعيد يا ماجد، وهذا ما نفعله دوما عندما يختنق القمر ويظهر بلون أحمر”.
ماجد: “أرجوك يا جدي لا تفعل ذلك، انتظر خمسة دقائق فقط وسأريك شيئا”.
الجد: “ولكن لا تتأخر يا ماجد، فإن انتظرتك أنا لن ينتظر الناس بالخارج”.
صعد “ماجد” الطابق العلوي على عجل، وهناك كانت توجد مكتبة عمه، بحث عن كتاب عن خسوف القمر ولكنه لم يجده، حتى أنه تعجب عن أمر عمه الذي لم يقتني كتابا عن خسوف القمر والذي كان سيساعده كثيرا في إقناع أهل القرية.
نزل “ماجد” حزينا، فاستشف جده أنه لم يجد الكتاب الذي أخبره عنه بالمكتبة.
فقال الجد: “ماجد يجب أن أبدأ مراسم مساعدة القمر، يجب أن أذهب حالا”.
أمسك ماجد بيد جده: “انه خسوف القمر يا جدي، انظر للقمر يبدو بلون أحمر في هذه الظاهرة، لقد درستها بالمدرسة يا جدي”.
تذكر “ماجد” المرصد العلمي الذي يوجد بأعلى الجبل، فأخبر جده بضرورة ذهابهما إليه، وهناك سيعلم الحقيقة كاملة.
خرج ماجد وجده في الطريق للمرصد العلمي، وهنا قال أحد أهل القرية: “ألن نطرق الأواني والقدور ونفك قيد القمر يا حضرة العمدة؟!”
ماجد: “انتظرونا ولا تطرقوا القدور حتى يأتي حضرة العمدة، نحن لن نغيب طويلا”.
قال أحد الرجال: “خذوا حذركم من السلعوة”.
وعندما وصلا المرصد قابلهما المهندس بالمرصد: “يا حضرة العمدة عندما تقع الأرض بين الشمس والقمر فتحجب أشعة الشمس عن القمر، حينها تنعكس أشعة الشمس باللون الأحمر على القمر لمرورها من خلال الغلاف الجوي لسطح الأرض”.
تعجب العمدة كثيرا من كلام المهندس الذي جعله ينظر من خلال التليسكوب، وقال الجد: “إنه كلام صحيح، لا يوجد من يخنق القمر”.
ماجد فرحا مسرورا: “وأخيرا اقتنعت بما كنت أخبرك به يا جدي”.
عادا كلاهما للقرية …
الجد: “يا أهل القرية لقد تأكدت أن القمر في ظاهرة تسمى بخسوف القمر”.
تقدم أحد الرجال: “إن لم تطرق الأواني سأبدأ أنا بذلك”.
العمدة: “اعلموا جيدا أنني تأكدت بنفسي أنه لا يوجد من يخنق القمر، وأنها مجرد ظاهرة كونية طبيعية”.
امرأة عجوز: “يا حضرة العمدة جميعنا يعلم أن هناك من يخنق القمر، وأنه لن يترك القمر ويرحل بعيدا إلا إن أخفناه بالطرق على الأواني”.
الجد نظر لماجد وأخبره: “لن يقتنعون يا حفيدي العزيز، فماذا سنفعل معهم؟!”.
ماجد: “نقنعهم بالحيلة يا جدي العزيز”.
ماجد: “يا أهل القرية في طريقنا للعودة رأينا رجلا وقد أكد لنا أنه رأى السلعوة تهبط من الجبل، وأخشى علينا جميعا إن طرقنا الأواني تسمعنا وتأتي للهجوم علينا جميعا”.
وما إن أنى حديثه الطفل الصغير حتى غادر جميع أهل القرية جريا خوفا من السلعوة.
وعاد لون القمر لطبيعته دون أن يطرق أحد من أهل القرية الأواني، وعلم الجميع ما كان يقنعهم به العمدة وحفيده الصغير.