قصة نجاح كولونيل ساندرز

0

“هارلند دافيد ساندرز” ولد في التاسع من شهر سبتمبر لعالم 1890 ميلاديا، ولد ببلدة صغيرة تسمى “هنريفيل” والتابعة لولاية إنديانا الأمريكية، وعندما بلغ الستة سنوات من عمره فارق والده الحياة لسوء حظه، وقد كان والده يعمل بأحد مناجم الفحم، خرجت والدته للعمل مضطرة لتعول أسرتها، فكان لزاما على “ساندرز” أن يهتم بكل شئون أسرته لانشغال والدته بالعمل خارجا.

كان لديه أخ أصغر يبلغ من العمر ثلاثة سنوات، وأخت رضيعة؛ كان “ساندرز” يقوم بكافة الأعمال المنزلية حتى أنه كان يطهو بعض أنواع الأكلات الخفيفة بناءا على وصفات والدته؛ وعندما بلغ السابعة من عمره كان قد أجاد طبع العديد من الأكلات الشهية ومن ضمنها الدجاج المقلي.

لم تكن هذه كل معاناة الصغير “ساندرز” بل توجب عليه العمل بعدة وظائف متعددة عندما كان صغيرا في العمر، بدايتها عمل بمزرعة مقابل دولارين شهريا، وبعد ذلك بسنتين تزوجت والدته، وبذلك تمكن من السفر والعمل بمزرعة خارج البلدة.

وعندما بلغ عامه السادس عشر التحق بالجيش الأمريكي بكوبا وخدم به لمدة ستة شهور، وبعد قضاء مدة الجيش تدرج بين الوظائف المتعددة، فعمل ملقم فحم على متن إحدى القطارات، وبعدها قائد على عبارة نهرية، وكذلك بائع بوليصات تأمينية؛ ومن ثم درس المحاماة بالمراسلة وزاول مهنة المحاماة لبعض الوقت؛ بعدها عمل بائع إطارات للسيارات، ومديرا لمحطات الوقود.

“ساندرز” هو نفسه ذلك الرجل العجوز ذو الشيب الأبيض الذي وضعت صورته على أشهر محلات وجبات الدجاج المقلي الشهي ذو المذاق الخاص، ذلك الرجل العجوز نفسه كانت رحلة حياته مليئة ومعبأة بالمصاعب والعثرات، في عامه الأربعين كان يطهو قطع الدجاج، وكان يبيعها للمارين بمحطة الوقود التي كان يديرها، كان يجلس من يشتري من لديه بغرفة نومه ليأكل دجاجه، اتسعت شهرته بذلك الدجاج المقلي على نطاق واسع.

كانت محطة الوقود هذه بمدينة كوربين بولاية كنتاكي، وعندما اتسعت شهرته كان الناس يأتون إليه لتناول دجاجه فقط وليس للوقود، وبذلك تمكن من العمل ككبير الطهاة بالمطعم الذي يقع بالجهة الأخرى لمحطة الوقود، والذي يتسع قرابة 142 شخص.

وعلى مدار تسع سنوات من عمله بذلك المطعم الكبير تمكن “ساندرز” من تطوير خلطته السرية والمكونة من 11 نوع مختلف من التوابل المخلوطة سويا بكيفية معينة، هذه الخلطة السرية لا يمكنك إيجاد سرها ولا التحلي بمذاقه السحري إلا بمحلات كنتاكي الشهيرة والمنتشرة تقريبا بكل بقاع الأرض.

وكل أموره كانت تسير على ما يرام وبأفضل حال، كرم من محافظ ولاية كنتاكي بإعطائه لقل كولونيل على إجادته للطهي، وكانت المشكلة العصيبة التي واجهها في هذه الأثناء انتظار الزبائن لمدة زمنية لا تقل عن 30 دقيقة حتى يحصلون على الوجبة التي طلبوها، وهذه المشكلة تغلبوا عليها المنافسون بالمطاعم الجنوبية، بأنهم توجهوا لقلي الدجاج بالسمن الغزير، مما أتاح لهم فرصة طهي الدجاج بشكل أسرع ولكن كان الطعم به اختلاف كبير.

لم ييأس “ساندرز” ولم يقف عند هذه المعضلة، بل عمل على تعديل الأواني بمطبخه وعمل على طهي دجاجه بكيفية ضغط الهواء للإسراع من الانتهاء من عملية الطهي في أقل وقت ممكن، عمل جاهدا على تعديل أواني الطهي باستخدام ضغط الهواء بها حتى لا يؤثر على طعم دجاجه الخاص، وبالفعل نجح في ذلك وحصل على إرضاء زبائنه بكل تأكيد.

وبالفعل استطاع من خدمة جميع زبائنه في أسرع وقت وتقديم كل ما يحتاجون إليه، وجاءت المشكلة الأكبر على الإطلاق، لقد تم تحويل الطريق العام فلم يعد أحدا من زبائنه يمر على مطعمه على الإطلاق!

وبعدما ابتسمت له الحياة من جديد، وفي عز ابتسامتها تحول كل شيء للضد ونقيضه، انصرف عنه الزبائن ولم يعد أحد يأتي إليه، اضطر ساندرز

وبالفعل استطاع خدمة جميع زبائنه في أسرع وقت وتقديم كل ما يحتاجون إليه، وجاءت المشكلة الأكبر على الإطلاق، لقد تم تحويل الطريق العام فلم يعد أحدا من زبائنه يمر على مطعمه على الإطلاق!

وبعدما ابتسمت له الحياة من جديد، وفي عز ابتسامتها تحول كل شيء للضد ونقيضه، انصرف عنه الزبائن ولم يعد أحد يأتي إليه، اضطر “ساندرز” لبيع كل ممتلكاته بالمزاد، وبعدما قام بتسديد كافة ديونه وكافة الفواتير، وجد نفسه متقاعدا بالمنزل في انتظار راتب التأمين الحكومي، والذي كان يعادل حينها 105 دولارا أمريكيا، كان حينها عمره خمسة وستون عاما.

وأول مال استلمه من المعاشات الحكومية، أمسك به في يده وجلس يفكر مليا في الأمر، وتوصل في النهاية أنه ليس جاهزا بعد للجلوس على كرسي هزاز وانتظار المعاش الحكومي؛ تمكن من إقناع بعض المستثمرين باستثمار أموالهم في الدجاج المقلي الشهي، وبذلك كانت النشأة الرسمية الأولى لدجاج كنتاكي المقلي الشهي والألذ على الإطلاق، كانت هذه البداية الجديدة في عام 1952 ميلاديا.

قرر ذلك الرجل المصر على النجاح أن يطهو دجاجه الخاص على طريقته الخاصة، ويرتحل بسيارته موزعا دجاجه المقلي على المطاعم بالأرجاء والعاملين بها، وإذا جاءت النتيجة إيجابية يبيعهم دجاجه لقاء مقابل مادي على كل قطعة دجاج يبيعونها بمطاعهم للزبائن.

وبعد مرور اثنتا عشرة عاما من العمل الشاق والإصرار والتفاني في العمل، أحرزت نتيجة ذلك أنه كان قد أصبح أكثر من 600 مطعم بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا يبيعون دجاج الكولونيل.

وعندما وصل به العمر لسن 77 عام قرر أن يبيع كل ما يملك لمجموعة من المستثمرين مقابل مليوني دولارا أمريكيا، وقد بيع للمستثمرين بالفعل ومن ضمنهم كان مستثمرا انتخب فيما بعد محافظا لولاية كنتاكي وقضى بها مدة من الزمن من عام 1980 وحتى عام 1984 ميلاديا، وكان هناك شرطا واحدا أن يكون المتحدث الرسمي للشركة، وظهوره بزيه الأبيض المشهود به والمتعارف به في إعلانات دعائية باسم الشركة ولمدة عقد كامل من الزمن.

كتب خلال هذه الفترة “ساندرز” كتابه الشهير والذي أسماه (الحياة التي عرفتها كانت شهية بدرجة تدفعك للعق أصابعك)، وهذه الجملة الدعائية التي استخدمت في ترويج منتج دجاج كنتاكي لذلك استخدمها ككناية، وتم نشر كتابه في عام 1974 ميلاديا.

وبالتطويرات الجديدة التي أدخلها المستثمرون الجدد على الشركة أصبحت شركة مدرجة بالبورصة بعدما نمت كثيرا بوقت قياسي في عام 1966 ميلاديا، أما في عام 1971 ميلاديا بيعت الشركة للمرة الثانية بمبلغ 285 مليون دولار، وفي عام 1986 ميلاديا بيعت الشركة لبيبسي مقابل 840 مليون دولار، وفي عام 1991 ميلاديا تغير اسم الشركة من دجاج كنتاكي المقلي إلى الأحرف الأولى الثلاثة كي إف سي، وذلك لإتاحة الفرصة لبيع العديد من أنواع الأطعمة بخلاف الدجاج المقلي.

اليوم يعمل أكثر من 33000 موظف بجميع فروع كنتاكي حول العالم، والتي تنتشر بأكثر من 100 دولة حول العالم.

مرض الكولونيل “ساندرز” بمرض اللوكيميا والذي يعرف بسرطان الدم، وقضى نحبه بسن يناهز التسعين عاما، كان العجوز قبل أن يقضي نحبه قطع مسافة أكثر من 250 ميلا ليزور كل فروع محلات كنتاكي والتي باتت أشهر من نار على علم حينها.

وحتى يومنا هذا لم يتعارف على الخلطة السرية الخاصة بدجاج كنتاكي الشهي والمرغوب به بكل بلدان العالم، بقيت سرا محافظا عليه، ومن أشهر الأسرار التجارية المحافظ عليها.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *