كان هناك طفل يدعى عمر، يحب اللعب مع أصدقائه في الحديقة. لكنه كان يكذب كثيراً، ويخترع قصصاً لا أساس لها من الواقع. كان يقول لأصدقائه أنه رأى أشياء غريبة ومدهشة، مثل فرس النهر يسبح في النهر، أو طائرة تحط في الشارع، أو رجل يطير في السماء. أصدقاؤه كانوا يصدقونه في البداية، ويستمعون إليه بإعجاب. لكن مع مرور الوقت، بدأوا يشكون في كلامه، ويتحققون من حقيقته. وكلما اكتشفوا أنه كان يكذب، غضبوا منه، وابتعدوا عنه. عمر لم يفهم لماذا يفعلون ذلك. هو كان يحب أن يجعل قصصه مثيرة وممتعة، ولا يريد أن يضجروا به. فقرر أن يغير طريقته في اللعب. بدأ يقول لأصدقائه أنه سيفاجئهم بشيء جديد ورائع، وأنهم سيرونه بأعينهم. وكلما سألوه عن ما هو هذا الشيء، قال لهم: “انتظروا وسترون”. وبعد ذلك، ذهب إلى منزله، وأخذ بعض الأشياء من غرفته، مثل كتاب قديم، أو دمية ممزقة، أو صورة قديمة. ثم عاد إلى الحديقة، وأظهر لأصدقائه هذه الأشياء، وقال لهم: “هذا هو المفاجأة التي كنت أتحدث عنها”. أصدقاؤه نظروا إلى الأشياء التي أظهرها لهم، ولم يروا فيها شيئاً جديداً أو رائعاً. بل رأوا فيها شيئاً قديماً وبالياً. فسخروا من عمر، وقالوا له: “هذه هي مفاجآتك؟ هذه أشياء لا تستحق الانتباه. هذه خدعة سخيفة”. ثم تركوه وذهبوا ليلعبون مع غيره. عمر شعر بالحزن والخجل. لم يكن يتوقع هذا الرد من أصدقائه. هو كان يظن أنه سيسعدهم بإظهار لهم شيئاً من عالمه الخاص. فقرر أن يغير طريقته في اللعب مرة أخرى. بدأ يقول لأصدقائه أنه سيعترف لهم بالحقيقة، وأنه لن يكذب عليهم بعد الآن. وكلما سألوه عن ما هي الحقيقة، قال لهم: “انتظروا وسترون”. وبعد ذلك، ذهب إلى منزله، وأخذ بعض الأشياء من غرفته، مثل دفتر مذكراته، أو رسوماته، أو هداياه. ثم عاد إلى الحديقة، وأظهر لأصدقائه هذه الأشياء، وقال لهم: “هذه هي الحقيقة التي كنت أتحدث عنها”. أصدقاؤه نظروا إلى الأشياء التي أظهرها لهم، وروا فيها شيئاً عادياً وبسيطاً. بل رأوا فيها شيئاً صادقاً وجميلاً. فسألوه عن معاني هذه الأشياء، وعن قصصها، وعن مشاعره تجاهها. عمر بدأ يحكي لهم عن حياته الحقيقية، وعن أحلامه وآماله وخوفه وفرحه. أخبرهم عن كتابته ورسمه وإبداعه. أخبرهم عن هداياه التي تلقاها من أحبائه وأساتذته وجيرانه. أخبرهم عن نفسه بصدق وشفافية. أصدقاؤه استمعوا إليه بانتباه وتفاعل. شعروا بالإعجاب به، وبالقرب منه. فضحكوا معه، وتأثروا معه، وشاركوه آرائهم وتجاربهم. عمر شعر بالسعادة والارتياح. لم يكن يتوقع هذا الرد من أصدقائه. هو كان يظن أنه سيلفت انتباههم بإظهار لهم شيئاً جديداً ورائعاً. لكن اكتشف أن الحقيقة هي أجمل شيء يمكن أن الصدق هو أفضل طريقة للتواصل مع الآخرين، وأن الكذب هو أسوأ طريقة للتعامل مع نفسه.

عمر وأصدقاؤه أصبحوا أقرب من بعضهم البعض. بدأوا يلعبون معاً بشكل أكثر متعة ومشاركة. عمر توقف عن الكذب، وأصبح يحكي لأصدقائه عن حقيقته دائماً. أصدقاؤه توقفوا عن السخرية منه، وأصبحوا يثقون به ويحترمونه. عمر اكتشف أن الصدق هو أفضل طريقة للتواصل مع الآخرين، وأن الكذب هو أسوأ طريقة للتعامل مع نفسه. فأصبح أكثر ثقة وسعادة. وهكذا، تغيرت حياة عمر إلى الأفضل، بفضل الصدق والكذب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *