قصة الولد المغرور
كان هناك ولد صغير السن مغرور بنفسه، يظن نفسه أقوى الأولاد، وفي وقت من الأوقات نزل الولد إلى الشارع مزهوًّا بنفسه معتدًّا بذاته، وجعل ينادي هل من ينافسني؟ فاندهش له الصبيان وهم يرونه بهذا الكبر والعجب، فأخذوا ينظرون إليه باستغراب.
راح الولد إلى أحد الصبية وقال له والكبر يملأه: هل تنافسني؟ فقال له الصبي: لا، أنا لن أنافسك، فهل ينافس صديق صديقه؟! فرد عليه الولد قائلًا: وما في ذلك؟! فلنر من يكون أقوى من الآخر.
قهقه الصبي من هذا الكلام وتركه ومضى في شأنه، فراح الولد إلى صبي غيره، وردد عليه نفس السؤال، فصدَّه الصبي بقوله: إن أمه أمرته بالذهاب لقضاء بعض حاجات المنزل وشراء الأطعمة اللازمة، وقال له: إنه لا يريد أن يتأخر على أمه، فمضى الولد وذهب إلى صبي آخر وقال له نفس الكلمات التي قالها من قبل، فقال له الصبي وهو يضحك: أنا عاشق للقراءة، وعلى الخصوص أحب مجلات الأطفال، وأخذ الصبي ينظر إلى الولد بنظرات سخرية، وقال له: أنت لست فارسًا كما تزعم وضحك وقهقه، ثم قال له: هيا بنا نقرأ سويًّا هذه المجلة.
فغضب الولد غضبًا شديدًا من سخرية الصبي منه، وهاج وماج واضطرب وكاد يشق الأرض، ورأى تحت رجليه حجارة فأخذ يضربها بقدميه، ثم ذهب سريعًا إلى البيت، ومن سيطرة الغضب على هذا الولد تعثرت رجلاه بطاولة لم يكن يراها من شدة غضبه، فسقط على الأرض سقطة مدوية صرخ حينها صرخة شديدة مروعة، حيث انكسرت قدمه نتيجة هذه الوقعة، ولازم الولد سريره عدة أسابيع، وكانت قدمه معلقة بحبل مربوط في السرير مجبسة، وملأه الإرهاق والتعب وهو لا يستطيع أن يتحرك.
رأته أمه وهو على هذه الحال فجاءت تعاتبه وهي تقول: يا ولدي، إن الكبر والزهور لا يمر على صاحبه بأدنى خير ولا يمسه من ذلك سوى الألم ومخالفة الأصحاب، فالقوة لا تُستخدم في الافتراء على الأصدقاء وإنما تستخدم في الدفاع عن الحق.
وهنا أحس الولد بندم شديد وخجل أشد، فقد تعلم من أمه درسًا لن ينساه أبدًا، وقام بوعد أمه ألا يكرر هذا الفعل مرة ثانية.