قصة الرسالة المهجورة

0

في يوم من الايام كانت هناك اسرة صغيرة سعيدة تعيش في سلام وامان ورضا وهدوء ومحبة، وذات يوم جاءت فرصة للأب ان يسافر للعمل بالخارج براتب كبير، فوافق الاب بلا تفكير سعياً وراء المال وترك زوجته وابناءه الثلاثة الذين كانوا يحبونه بشدة، وبعد مرور عدة ايام علي سفر الاب ارسل الي ابناؤه رسالته الاولي، وعلي الرغم من شدة حب الابناء له إلا انهم لم يهتموا بقراءة الرسالة، بل علي العكس، اخذ الجميع يحتضن الرسالة ويقبلها باهتمام وحنان ولكنهم لم يفكروا ابداً في فتح الرسالة وقراءة محتواها، وبدلاً من ذلك قاموا بوضعها في علبة قطيفة جميلة جداً وكانوا يومياً ينظفوها من الغبار ويعيدوها الي مكانها من جديد، ولم يهتم اي منهم بقراءة الرسالة .

واستمر الاب بإرسال رسائله الي ابناءه علي مدار سنوات الغربة الطويلة، ولكن الابناء كانوا يتعاملون بنفس الطريقة مع جميع الرسائل، يقبلوها ويعانقوها دون النظر في محتواها، وبعد مرور سنوات طويلة من العمل بالخارج رجع الاب الي اسرته، فوجد المنزل خالياً ليس به الا ان واحد فقط، سأله الاب في دهشة : اين والدتك ؟ رد الابن : لقد اصابها مرضاً شديداً ولم يكن لدينا ما يكفي من المال لعلاجها فماتت، تعجب الاب من كلام ابنه وقال له : لماذا لم تنفقوا من المال الكثير الذى أرسلته لكم فى الرسالة الأولي، قال الإبن : لم نجده، فنحن لم نفتح الرسالة .

ثم سأل الاب : اين باقي اخوتك ؟ قال الابن ان الاخ الاول قد تعرف علي رفقاء السوء وضاع معهم، ازدادت دهشة الاب وسأل : لماذا لم يقرأ الرسالة التي طلبت منه فيها ان يتجنب صحاب السوء وان يلجئ إلي فقط ؟ طأطأ الابن رأسه دون ان يجيب، فسأل الاب عن اخته فاجاب انها تزوج من الشاب الذى إستشارتك فى الزواج منه وهى الآن تعيش فى تعاسة شديدة معه، اشتعل الاب غاضباً وسأله : لماذا تزوجته ؟ لقد بعثت رسالة لها اخبرها انه سئ الخلق وعليها ان تختار شخص ذو دين وخلق، خجل الابن من الاب وقال له : لقد وضعنا جميع رسائلك في هذه العلبة القطيعة، كنا دائماً نقبلها وننظفها ونهتم بها ولكننا لن نحاول يوماً ان نقرأها او ننظر الي محتواها .

وهكذا انتهت حياة هذه الاسرة، كم تعاملنا مع رسائل الله سبحانه وتعالي لنا مثلما تعامل هؤلاء الابناء مع رسائل والدهم، إكتفينا بتقديس المصحف وتقبيله وتنظيف من الاتربة كل يوم، ووضعناه في علبة قطيعة جميلة ولكننا تغافلنا عن قراءته وتدبر معانيه وآياته والعمل به ليكون هو المنهج الذي نسير عليه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *