آلة الزمن
آلة صغيرة، يشبه شكلها جهازَ المذياع، إلّا أنّها أكبر منه قليلاً، وتحتوي على قبضتين دوارتين كما في جهاز الراديو، تتحرّك الأولى بثلاثة مواضع؛ يميناً وشمالاً لتقديم الزمن وتأخيره، أمّا الموضع الثالث في الوسط فهو وضع الإيقاف. في حين إنّ القبضة الثانية تدور لغاية 360 درجة للتحكم بمقدار السرعة، كما تحتوي على آلةٍ مُعقّدةٍ جداً داخل غلافها، يبدو ذلك من خلال وزنها الثقيل الزائد عن الحدّ. وداخها تحتوي على مجموعةٍ من البطاريات الإلكترولنيّة القابلة للشحن من الحجم الكبير، كان هذا الجهاز ملقىً مع المخلفات والخردة التي تلقيها القواعد العسكرية. وقد عثر عليها شابٌّ مثقف مع فتى بسيطٍ كان يبيعها مع أشياء أخرى مختلفة في سوق الأغراض المستعملة دون أن يعرف ماهية الجهاز ولا طريقة عمله، ولكنّه أثار فضولَ ذلك الشاب، فاشتراه لغرابته وثقل وزنه بثمنٍ بسيط. أخذ الشاب يبحث عن طريقة عمل الجهاز ماهيته، ووجد في بعض المواقع الإلكترونية نبذةً مقتضبةً عنه مفادها أنّه جهازٌ للتحكم في الزمن، ويمكن من خلاله العودة بالزمن، كانت هذه فرصته العظمى، إنّ القدرة على العودة في الزمن وتغيير أحداثٍ معيّنةٍ قد تجعل الحاضر والمستقبل رائعين بالنسبة له، بدأ الشاب يحاول العودة إلى ذكرياتٍ معيّنةٍ له لتغييرها، إنّ أكثر ما أثر في حياته فقدُه لوالدته في سنّ مبكر، فقد تعرّضت لحادثٍ أليم أدّى لفقدانها حياتها، فقرر العودة إلى تلك اللحظة وتغيير الماضي، شغّل الجهاز وثبت قبضة التحكم بالزمن إلى ذلك التاريخ، ليجد نفسه قد عاد عشر سنوات، كانت أمّه قد اشترت بعض الحاجيات وتسير متوجهة إلى المنزل، “ذلك هو المكان الذي تعرّضت أمي للدهس فيه” حدث نفسه وأسرع ليرتطم بها، فوقعت حاجياتها على الأرض ولم تقطع الشارع في الوقت الذي أتت فيه الشاحنة المسرعة، والتي كان من المفترض أن تدهسها. في تلك اللحظة عاد الشاب في الزمن إلى الوقت الحالي، وأسرع إلى منزله يبحث عن والدته، ولكنها لم تكن موجودة، بدأ يسأل الجيران عنها، فأخبروه أنّها قد توفيت في حريقٍ قبل عشر سنوات!، دُهش الشاب جداً، وقرر العودة في الزمن مرةً أخرى لإنقاذها، ولكنّه في كلّ مرةٍ أنقذها فيها من حادثٍ ما، حدث شيءٌ آخر، لقد استطاع تغيير طريقة موتها، ولكنّه لم يستطع أبداً إعادتها إلى الحياة، لأنّه لا يمكن لأيّ شخصٍ أن يُغيّر القدر. “ذلك الجهاز ليس له مكانٌ إلّا القمامة” فكر الشاب بجدية وهو يحمله ويرميه في مكانٍ بعيد لا يستطيع أي شخص إيجاده فيه، فهذا الجهاز لا يعيد سوى الذكريات السيئة، ويعطي الناس أملاً كاذباً لا يمكن أن يتحقق يوماً.
للمزيد من القصص زوروا موقعنا