جحا والسارق الخفي
بيوم من الأيام خرج أحد الجيران يبحث في كل مكان ويسأل كل من يقابله من جيرانه عن طيوره التي سُرقت من منزله، وعندما لم يجد إجابة من أحد أعلن عن مكافئة كبيرة ومجزية لمن يدله عن السارق، وانتظر أياماً ولكن لم يأته أحدهم بجوابٍ أيضا.
وعندما فاض الأمر بالرجل ذهب لجاره جحا، وطلب مساعدته في العثور على السارق، ووعد جحا بمكافئة مجزية للغاية في حال مساعدته على كشف الحقيقة.
وباليوم التالي ذهب جحا لمنزل الرجل جاره وطلب منه أن يعد وليمة من الأطعمة الشهية ويدعو خلالها كل جيرانه من حوله.
فسأله الرجل مستنكرا ما طلبه: “ولكن أخبرني يا جحا كيف أدعوهم لتناول الطعام الشهي، وقد سرقني أحدهم؟!”
فقال جحا: “إذا أردت معرفة السارق، فكل ما عليك أن تفعل ما أقوله لك ولا تجادلني”.
وبالفعل أعد الرجل وليمة عليها من الأطعمة ما لذ وطاب، وقام بدعوة كل جيرانه من حوله وأصدقائه عليها، وبينما كان يأكل الجميع ويتلذذ بالأطعمة الموجودة، قام جحا من مقعده قائلا: “هل تعلمون يا أصدقائي لما دعانا صاحبنا على هذه الوليمة؟!”
قال أحدهم: “لقد دعانا لكي نأكل طعامه”.
فسأله جحا: “وتدري ما المناسبة؟!”
فقال أحدهم: “بمناسبة سرقة طيوره من منزله”، وضحكوا جميعا.
فقال جحا: “إن صاحب المنزل لديه علم باللص، وعلى يقين أنه واحد منكم، فهل عندكم الاستعداد لتقسموا بأن كل واحد منكم لم يسرق طيوره؟!”
فرأى منهم جحا استعداداً للقسم، وعندما رأى منهم ذلك قرر جحا أن يجرب طريقة أخرى أكثر ذكاءً، فقال لهم جحا في عجلة: “لا داعي لأن تقسموا، فإنني أرى السارق أمامي الآن”.
غضب الحاضرون وسألوا جميعهم جحا قائلين: “يا جحا نريد معرفة السارق الذي بيننا”.
فقال جحا: “لا داعي لإظهاره أمام الحاضرين ومعرفته الآن، سأتحدث بيني وبينه فيما بعد”.
فقالوا مصرين: “هناك داعي لأن نعرفه جميعنا حتى نعاقبه على فعلته، ونطرده من بيننا”.
قفال جحا: “لا داعي لكل ذلك يكفيه ما يشعر به الآن من رعب وخوف”.
فتركوا جحا وتوجهوا للرجل صاحب المنزل: “أتعرفه أنت؟!”
فقال الرجل: “نعم أعرفه بكل تأكيد”.
فقالوا له: “إذاً أخبرنا أنت يا صديقي حتى نعرفه ونلقنه درسا”.
فقال الرجل: “دعونا ندع الأمر لجحا، فهو رجل أكثر حكمة ليتصرف في الأمر كما يشاء”.
عادوا من جديد لجحا وقالوا له: “لطالما دعوتنا لهنا من أجل ذلك، فلن نبرح المنزل حتى نعلم من السارق فينا”.
فقال لهم جحا: “طالما أنتم مصرين على ذلك، إنه الرجل الذي يجلس وفوق رأسه ريشة”!
فراح جميعهم ينظرون لبعضهم البعض متأملين إيجاد الريشة فوق رأس أحدهم باستثناء رجل واحد قام بوضع يده على رأسه، وأخذ يتحسس عن موضع الريشة التي فوق رأسه.
فقال جحا مشيرا إليه: “أنت الذي سرقت الطيور، وقد كشفت حركتك عن فعلتك”