قصة الثعبان الأبيض وسره الخفي ج9
ومازلنا نستكمل أحداث قصتنا المثيرة الشيقة، ونعيش أحداثها المليئة بالخيال والسحر، والتي تجعلنا وكأننا نعيش بعالم آخر بعيدا كل البعد عن أرض الواقع.
على الفور عزم القائد على الرحيل لأنه أيقن أن الفتى ساحر وأنه مثلما علم بمكان الخاتم سيعلم بمن ورائه ومن دبر له المكيدة، وحينها سيكشف أمره وتقدم رقبته جزاءا لما فعل.
وبغروب الشمس والذي كان من المفترض على الفتى فعله أن يحمل الطبق المغطى ويذهب به للملك، لكنه لم يفعل وانتظر ما الذي سيحدث حينها؛ سمع الجرس يقدم من غرفة الملك الخاصة فذهب إليه، وأول ما وصل إليه انهال عليه الملك بالشتائم واللعن والسب، وسأله عن الطبق وأمره بإحضاره على الفور …
الملك: “ألم أخبرك أن تأتيني به كل يوم قبل غروب الشمس، سأعفو عنك هذه المرة وألتمس لك عذرا ولكن بالمرة القادمة لن أرحمك”.
الفتى: “ولكنني لن آتيك به يا مولاي”.
ذهل الملك من جرأته الزائدة عن حدها: “إذا ستعجل بموتك بهذه الطريقة التي تنتهجها”.
الفتى: “كل تهديداتك ووعيدك لن يفلحوا معي يا مولاي”.
صرخ الملك على جنوده وأمرهم بزجه بالسجن، وأخذه بالساحة وسط المدينة لاقتلاع رأسه من على جسده بعد أمر جميع الشعب بالحضور حتى يكون لغيره عبرة وعظة.
وضع الفتى بالسجن، وفي هذه اللحظة قدم إليه الملك الحقيقي وظهر له …
الملك الحقيقي: “اصمد ولا تخف فأنا سأكون معك”.
الفتى: “لست خائفا فقد احتفظت ببعض الشعيرات من لحية القزم العجوز وببعض وريقات شجرة الصنوبر ويمكنني بواسطتهما الاختفاء وقتما شئت”.
الملك الحقيقي: “لا، لا تفعل ذلك، بل سنتخذها فرصة ليشهد الجميع على كذب أخي، ونوضح لهم الحقيقة كاملة وأمام أعينهم جميعا”.
وقضيا الليلة سويا يخططان لليوم القادم وكيف سيتحكمان به.
وفي الصباح الباكر قدم جنود الملك وقاموا بأخذ الفتى للساحة وسط المدينة وقد تواجدت الحشود من عامة الناس، وبعد قليل من الوقت جاء الملك بعربته الفخمة، وما إن قدم حتى شرع الشعب في الهتاف له، هنا صرخ الفتى بأعلى صوته قائلا: “لا تهتفوا له فإنه ليس بملككم الحقيقي، وإنما هو شقيق الملك الحقيقي التوأم والذي جعلكم تثقون به بعدما خان أخيه، وقال أن أخاه التوأم قد أقلت عليه ساحرة شريرة تعويذة وجعلته طائرا؛ ولكنه قام بخيانة ملكنا الحقيقي وسجنه بسجن رهيب وكبله بالأغلال وقد كان سجنه بقصره نفسه إذ وضعه بحجرة قذرة يؤدي إليها سرداب ويوجد باب مخفي بغرفة نومه؛ إنه ليس بملككم الحقيقي”.
غضب غضبا شديدا من كلامه لذلك أمر رجاله بسرعة إنهاء حياته بفصل رأسه عن جسده وإراحة الملك من شره؛ وما إن رفع القصاص يداه ليقتص منه حتى وجد نفسه غير قادر على تحريكهما للأسفل مرة أخرى، وشعر وكأن قوى خفية تمسك بيديه، فصرخ من شدة هول ما يحدث معه.
لقد كان الملك الحقيقي هو من فعل ذلك، وبعدها قام بفك وثاق الفتى؛ ومن بعدها شعر الملك المزيف وكأن أحدا يدفعه حتى وصل به لمكان القصاص وقام بربط يديه، أخذ يستنجد بحراسه وجنوده ورجاله من حوله ولكن الخوف كان قد خيم على المكان بأكمله، وفي هذه اللحظة همس الملك الحقيقي في أذن أخيه قائلا: “اعترف بكل ما حدث وإلا ستكون نهايتك على يدي، أرى حالة الذهول والتعجب التي ألمت بك، ولكن إن عدت بذاكرتك للوراء بسنوات طويلة وتذكرت سر الثعبان الأبيض الثاني ومدى قوته ستتأكد حينها أنني شقيقك الملك الحقيقي أو بالأحرى إمبراطور البلاد بأكملها؛ ستعترف أم ستدفع رقبك ثمنا لإنكارك، وتكون نهايتك ويكون قصاصك على يد الإمبراطور”.
وأنزل السيف وقربه من رقبته هنا غمرت الملك المزيف حالة لاشعورية من الخوف الشديد ونطق بالحقيقة كاملة دون كذب، كان الجميع يشهد على أقواله واعترافه بما فيهم ابنة الملك شخصها، وفي هذه اللحظة انهمرت الدموع من عينيها لمعرفتها بالحقيقة المرة، أما عن الشعب فقد انهال عليه بأقبح الشتائم مطالبين إياه بدلهم على مكان ملكهم الحقيقي …
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع