جحا والسلطان الغاضب
بيوم من الأيام جاء لجحا مجموعة من العماء يستنجدون به قائلين: “أغثنا يا جحا، لقد أمر السلطان بإعدام بعض زملائنا العلماء”.
استنكر جحا الأمر وسألهم: “كيف يفعل السلطان ذلك؟!، وبمن بالعلماء؟!، أخبروني الحكاية كاملة”.
قال أحدهم: “إن السلطان يرسل في طلب كل من يقول عنه الناس عالم أو فيلسوف”.
ومازال جحا متعجبا ومستنكرا: “يفعل كل ذلك بدون سبب؟!”
فقال أحدهم: “لقد سمعنا أنه يسألهم سؤالا واحدا، أعادل أنا أم ظالم؟!
وإذا أجابه أحدهم قائلا عادل أنت يا مولاي، أمر بقتله؛ وإذا أجابه أحدهم بأنك ظالم يا مولاي أمر بقتله في الحال أيضا”.
ارتعب جحا من حديثهم وقال: “لابد أن السلطان ألم به مرض بعقله، بالتأكيد إنه فقد عقله”.
فتوسله أحدهم قائلا بعدما أمسك به وتشبث: “لقد جئنا إليك يا جحا لتنقذ إخواننا من بطشه ومن ظلمه ومن سيفه قبل فوات الأوان”.
قام جحا بارتداء الأفضل من بين ثيابه، وتوجه لقصر السلطان ليقابله ويتحدث إليه.
وأول ما رآه السلطان استشاط غضباً وصرخ في وجهه قائلا: “كيف لك أن تأتي للقصر دون أن أأذن لك بالقدوم؟!، أجننت أنت؟!”
فقال جحا: “يا مولاي لقد علمت أنك ترسل في طلب العلماء والفلاسفة ولم ترسل لي، فجئت إليك لأذكرك بنفسي يا مولاي”.
فقال السلطان غاضبا: “أتظن نفسك يا جحا أنك واحداً منهم؟!، سآمر السياف أن يقطع رأسك في الحال”، وبالفعل صرخ مناديا على السياف.
فقال جحا بكل هدوءٍ وثبات: “ولكني لدي رجاء واحد من ملاي السلطان قبل أن يأمر بقطع رأسي، أرجوك يا مولاي أن تأمر السياف بألا ينكش شعري أثناء قطعه رأسي حيث أنني كنت للتو عند الحلاق”.
فضحك السلطان على كلام جحا، وقال: “هذه رباطة جأش منك يا جحا تحسد حرفيا عليه، ولأجل ذلك فقد عفونا عنك”.
استهل جحا فرحا وسرورا وقال: “بما أن مولانا السلطان قد عفا عني، فهل يمكنني أن أطمع في عفوك بأن تعفو أيضا عن أصدقائي وزملائي؟!”
فكر السلطان قليلا في طلب جحا وقال: “قد أفعل ذلك ولكن إذا أجبت عن سؤالي أولا، أخبرني يا جحا أعادلٌ أنا أم ظالم؟!”
فقال جحا مجيبا على سؤاله: “إنك يا مولاي لست بعادل ولا ظالم، فالظالمون نحن أما أنتم سيف العدل الذي يقتص من الظالمين”.
تهللت أسارير السلطان قائلا: “يا لها من إجابة رائعة يا جحا”.
قال جحا: “مولانا يسأل ونحن نجيب”.
فأمر السلطان بالعفو عن كافة العلماء والفلاسفة وإطلاق سراحهم.