قصة ظل في الظلام ج1
اهلا وسهلا بكم متابعي موقع قصص
لقد اضفنا اليوم قصة جديدة
استمتعوا!
بقلم ناصر
في أعماق منشأة سرية، حيث لا يجرؤ أحد على التساؤل أو الرفض، وُلد البطل. كان مكانه في الظلام، معزولًا في غرفة صغيرة ذات جدران أسمنتية، والإضاءة خافتة لدرجة أن الأشياء بدت وكأنها تذوب في الظلال. لم يكن يعرف شيئًا عن العالم خارج هذه الجدران، وكل شيء داخلها كان مُدارًا بدقة متناهية.
منذ لحظة ولادته، كان هناك من يراقبونه، يدربونه، يصقلون مهاراته، ويختبرون قدراته. كان يعلم أنه ليس مثل أي شخص آخر؛ كان مختلفًا. لم ينظر إليه أحد بلطف، ولم يُنطق له بكلمة طيبة. المشاعر بالنسبة له كانت شيئًا غريبًا—مجرد كلمات لا يستطيع فهمها. كل شيء كان يدور حول الأوامر، والتدريب، والمثابرة لإنجاز المهام.
مرت السنوات، وأصبح مراهقًا، مع ازدياد الحيرة والفضول بداخله. رغم أن جسده كان قويًا وقدراته تفوق المعتاد، كان هناك شيء مفقود في قلبه. لم يعرف الحب يومًا، ولا الفرح، ولا الحزن. كل شيء كان مليئًا بالبرودة. لكن عقله كان يعلم أنه بحاجة إلى شيء أكثر من مجرد أن يكون آلة للحرب.
في يوم من الأيام، بينما كان في غرفة التدريب، وقف أمام مرآة كبيرة. نظر إلى انعكاسه—شاب ذو عيون متباينة: واحدة سوداء، والأخرى زرقاء. شعره الطويل يتدلى على كتفيه، وبشرته شديدة البياض، بيضاء كالثلج. كان وجهه خاليًا من التعبير، كما كان طوال حياته. لم يكن هناك مكان للضعف أو الدموع. كانت ملامحه قاسية، لكن في أعماقه، كانت هناك أسئلة تبحث عن إجابات.
إلى أين سيذهب بعد كل هذا؟ هل سيكون مجرد آلة حرب؟ أم هل هناك شيء آخر يمكنه اكتشافه؟ هل يمكنه أن يكون شيئًا مختلفًا حقًا؟ هذه الأسئلة كانت تدور في ذهنه بلا توقف.
بدأت مشاعره تنمو بشكل غريب، تلك المشاعر التي كانت غريبة عليه في البداية. في البداية، ظن أنها لا مكان لها في قلبه، لكن الآن، كانت تأخذ شكلًا مختلفًا مع مرور كل لحظة. كان قد اعتقد أن المشاعر غير ضرورية، لكن الآن، كانت تنمو كما لو أنها كانت تحاول أن تروي قصة لا يستطيع فهمها.
وفي تلك اللحظة، لاحظ شيئًا غريبًا: رمز محفور على عنقه. كان نفس الرمز الذي رآه كل يوم في المنشأة، لكن الآن، شعر وكأن الرمز يخبئ سرًا عميقًا. هل كان جزءًا من ماضيه؟ أم كان مجرد علامة عشوائية؟ ماذا يعني هذا الرمز؟
دفعت هذه الأسئلة إلى التفكير في الهروب. الهروب من هذا المكان الذي لم يمنحه فرصة ليكون شيئًا أكثر. الهروب من الظلال التي كانت تحيط به، من الوجود الذي لم يختاره يومًا. لكن كان هناك شيء واحد يمنعه: هل سيكون قادرًا على البقاء على قيد الحياة في العالم الخارجي؟ هل يتأقلم معه؟ هل سيكتشف شيئًا في ذلك العالم يمكنه تغيير حياته؟ قبل أن يجيب على هذه الأسئلة، قرر الهروب. قرر أن يواجه المستقبل، مهما كانت المخاطر، حتى وإن كان ذلك يعني اكتشاف شيء جديد في نفسه لم يعرفه من قبل.
بينما كان يستعد للهروب، تذكر أمرًا واحدًا: رغم أنه وُلد في هذا المكان، إلا أن قلبه ما زال يبحث عن معنى، وقد يكون هناك جواب خارج هذه الجدران، في هذا العالم المجهول.
في تلك اللحظة، خرج لأول مرة—ليس فقط كإنسان مدرب، بل كشخص يحمل أسئلة عميقة، يبحث عن هويته، وعن مكانه في هذا العالم. بينما كان البطل يستعد للهروب، شعر بشيء غريب في الجو من حوله. كان هناك هدوء غريب، كما لو أن العالم توقف للحظة. فجأة، جاء صوت طقطقة خفيفة من الباب الحديدي، تلاه صمت طويل. كان الصوت التالي أوضح، أكثر إصرارًا، كتحذير. لم يكن الصوت قادمًا من الخارج، بل من داخل عقله.
“حان وقت اختبارك.”
لم يكن يعلم من أين جاء الصوت، لكنه شعر به عميقًا في عقله. كان الصوت باردًا، خاليًا من العاطفة، كما لو كان يأتي من مصدر بعيد لا يمكن الوصول إليه. فجأة، تسارع نبض قلبه، وشعر بشيء غريب يتدفق في جسده.
ومع ذلك، لم يسمح لهذه اللحظة أن توقفه. بخطوة ثابتة، فتح نافذة صغيرة في الزاوية. كان الظلام يلف المكان من الخارج، لكنه شعر بشيء يدفعه للمضي قدمًا. كان العالم الخارجي مجهولًا بالنسبة له، لكن تلك الكلمات التي سمعها، والإشارة التي لم يتمكن من فك رموزها، جعلته يشعر أن شيئًا ما كان في انتظاره—شيء أعظم من مجرد الهروب.
بينما كان يستعد للقفز، تسللت إليه فجأة شعور غريب في قلبه. هل هو مستعد حقًا لما ينتظره في الخارج؟ هل سيكتشف شيئًا عن نفسه لا يصدقه؟ لم يكن يعرف الجواب، لكنه شعر أن القدر الذي ينتظره كان أكبر من كل الأسئلة التي شغلته طوال حياته.
ثم، قبل أن يتخذ خطوة أخرى، رن جهاز صغير في جيبه. ضغط عليه، ليتفاجأ برسالة قصيرة ظهرت على الشاشة:
“الاختبار يبدأ الآن. اخرج من هنا. لكن احذر… كل خطوة ستحدد مستقبلك.”
كان الأمر كما لو أنه دعوة للغوص في المجهول، أو ربما تحذير.
هل يمكن للبطل أن يهرب حقًا من مصيره؟ هل سيكون مستعدًا لما ينتظره في العالم الخارجي؟ ستكشف الإجابات على هذه الأسئلة في الفصل التالي…
يتبع
انتهى الجزء الأول من القصة نتمنى انكم استمتعتم بقراءة القصة.
سيتم اضافة الجزء الثاني في اقرب وقت ممكن
ادارة موقع قصص