قصـــة الجدة العجوزة وتنمر الصغير

0

بيوم من الأيام كانت هناك جدة عجوز لتوها واصلة من بلد غريب، كانت تجلس بمحطة حافلات النقل، كانت تجلس لتنال قسطا من الراحة، وكانت هذه العجوز مولعة بأكل قطع من الفاكهة المجففة والتي تصنعها بيديها.

وبينما كانت تجلس وقد أخرجت قطعة الفاكهة، وما إن وضعتها بفمها حتى اصطدم بها أحد من الخلف.

انزلقت قطعة الفاكهة لحلقها وأشعرتها بالألم الشديد، وبعد معاناة على الفور تمكنت من إخراجها بصعوبة، التفتت خلفها لتجد ثلاثة من الصغار …

الجدة: “ألا يمكنكم أن تحذروا يا أبنائي؟!، لقد اصطدم أحدكم برأسي للتو، أليس لديه ما يقوله لي؟!”

فرد عليها أحدهم بكل قسوة وتجهم متنمرا على حالها: “وما الذي أجلسكِ هنا أيتها العجوز؟!، إن أمثالكِ لا يخرجون من المنزل من الأساس”.

ردت عليه الجدة بطيب خاطر: “أليس لديك جدة بمثل عمري يا بني؟!، أيرضيك أن يعاملها أحدهم بهذه الطريقة؟!”

رد الصغير عليها قائلا: “إن كان لدي جدة بمثل عمركِ لابد لها أن تكون بالمنزل تعد لنا الطعام، وبالتأكيد كنت قد علمتها كيفية غلق فمها أثناء جلوسها على الطرقات”.

وكلما تفوه بكلمة استهزأ من خلالها بالعجوز، وسخر أصدقائه عليها لسخريته.

دمعت عيني الجدة قائلة: “في الحقيقة لقد فقدت لتوي زوجي العزيز”.

ونفس الصغير من جديد: “بالتأكيد مات من كثرة رؤيته إياكِ بكل مكان وبكل زمان، ربما قتل نفسه ليتخلص منكِ”.

في هذه المرة بكت العجوز حقيقيا: “ألا يمكنك أن تقول قولا حسنا أو ترحل وتتركني في حالي؟!”

وباستهزاء منهم وأوجاع تسببوا بها للعجوز رحلوا باحثين عن شيء يأكلوه، أما عن العجوز فغرقت في دموعها وحيدة.

وتشاء الأقدار أن تسكن هذه العجوز بمنزل أمام منزل الشاب الذي أوجع قلبها، يأتي هو ووالدته بهدية صغيرة يقدمانها للساكنة الجديدة من باب الترحيب بها، تسلم عليهما وتدعوهما للدخول، كما أنها تسلم على الصغير.

وعندما يدخلان المنزل تتسامر والدته مع العجوز وتسألها إن كان بمقدورها مساعدة ابنها في دروسه المدرسية حيث أن مدرسيه يتذمرون من مستواه الضعيف؛ وبالفعل توافق الجدة العجوز على طلبها على الرغم من تذمر الصغير بحجة أنه لا يريد أن يزعج الجدة بأول يوم لها بسكنها الجديد، وأنها بالتأكيد متعبة بسبب النقل.

تخبرهما الجدة بأنها تساعده بمواده الدراسية مقابل مساعدتها بنقل الأثاث حيث أنه يافع ويتمتع بالصحة الجيدة والقوة البدنية بخلافها على الإطلاق.

وباليوم التالي جاء الصغير ومعه كتبه الدراسية، وما إن شرع بأسلوبه الساخر حتى وضعت الجدة له الحدود في تعاملاته، أخبرته بأنه بمنزلها وأن لمنزلها قواعد يجب عليه أن يحترمها وإلا أخبرت والدته عن كل شيء حدث منه بمحطة الحافلات.

لم يستجب لها في البداية، ولكنها مميزة بأسلوب جميل في التعامل، استطاعت أن تؤثر في طباعه، تارة تكون حادة وتارة تلين معه حتى اكتشفت ميوله وما يحب لتتقرب له منه وتتمكن من إفادته.

كان الصغير من عشاق قصص الخيال العلمي، كان زوجها أيضا مولعا بهذه الهواية لدرجة أنه كان يجمع النسخ الأولى منها؛ عرضت عليه العجوز الفكرة ليتمكن من تحسين أدائه بالتعبير حيث أنه كان ينقصه الكتابة بأسلوبه الخاص والمعبر عن نفسه.

وبالفعل استجاب الصغير وشرع في كتابة أول نسخة أعطتها له، كل يوم كان يمر والجدة تعلمه مهارة جديدة، كان أيضا قلبه يتعلق بها يوما بعد يوم حتى جاء اليوم الذي كانت فيه الجدة قد أحضرت بعض الفاكهة والخضروات من السوق، وإذا بالعربة تتعطل بها وتسقط على الأرض.

نفس الصحبة من جديد اثنان منهما أرادا التنمر على نفس العجوز التي ضايقاها من قبل، وبالفعل شرعا في ذلك، ولكن كان معهما نفس الصغير التي كانت تعمله، ركض تجاهها على الرغم من محاولات صديقه في إرجاعه عن ذلك إلا إنه في النهاية ذهب إليها وساعدها على النهوض، وحمل لها الأغراض، وكل ذلك كان سببا في ابتعاد أصدقاء السوء عنه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *