صديق-الشمس

كان يا مكان صبي من الصبيان اسمه صديق الشمس ، في الصباح ذات نهار شاهد ظله طويلاً كالاشجار مشي وراءه فوصل الي غابة ، لم يكن صديق الشمس قد رأي غابة من قبل، رائحة الاشجار تملأ المكان والشمس تلمع فوق حبات الندي ، والريح تهمس بين الاغصان، تهتز راقصة تغني للصباح وزقزقة العصافير تعزف لها الألحان .

توزعت الشمس بين الاشجار علي أطراف الغابة وتنقل الصبي بين بقع النور والظل فقادته قدماه الي داخل الغابة الكثيفة ولم يعد يعرف طريقه، تفقد الشمس فلم يجدها، رفع رأسه بحثا عن السماء فرأي سقفاً من اغصان الشجر، خاف وجري هنا وهناك ولم يسمع الا دقات قلبه، كان صديق الشمس يخشي الظلام ويظن ان الشمس تموت في الليل او هي تنام، وسأل نفسه : هل يمكن ان تنام الشمس بالنهار ؟ صاح بأعلي صوته منادياً الشمس فلم يسمع الا صدي النداء، تسلق الاشجار ليخرج الي السماء فلم ير أثراً للضياء .

غلبة التعب والخوف والخوف عدو الانسان، وتضاعفت اصوات الرياح تمر بين الاغصان، كأنها ذئاب تعوي قادمة من كل مكان او هي الاشجار تسخر من صديق الشمس، فقفز يتسلق الاشجار من جديد، تنقل الصبي من شجرة الي شجرة ومن غصن الي غصن بحثاً عن الشمس او عن نورها من بعيد ولاحقته اصوات الرياح وامتلأت كفاة بالجراح وافقده الخوف عزيمته فوقع .

جلس علي الارض حزيناً .. أين الشمس ؟ هل تموت كما يموت الناس ؟ هل غضبت منه وتركته لأنه جلس في الظل ليرتاح ؟ توقفت الرياح لحظة فساد السكون وتلفت الصبي حوله لعله يري الشمس وفجأة سمع صوتاً حنوناً كالهمس : ” يا صبي .. يا صديق الشمس .. لماذا انت حزين ؟ ” كان الصديق قادماً من بين اغصان الشجرة العجوز ذات الجذع المتين، قال الصبي بلهجة : الشمس ضاعت .. الشمس اختفت وماتت ، فاهتزت اوراق الشجرة العجوز كأنها تضحك له وقالت : انت خفت، فوقعت، حزنت وبكيت، اما الشمس موجودة دائماً، اطمأن الصبي الي حديث الشجرة الطيبة فسألها : وكيف أجدها إن ضاعت مني ؟ قالت الشجرة الحكيمة : فكر وابحث وانت تجدها بنفسك .

فكر الصبي فيما قالته الشجرة وفتح قميصة لكي يتنفس في راحة، فوجد اشعة الشمس تخرج من صدره، فرح الصبي فرحاً كبيراً وتشجع وقام شاهد من بعيد انواراً تتراقص بين الاشجار، جري نحوها كالفراشة تطير نحو النور، وتبدلت أصوات الرياح واصبحت ضحكات سرور وحفيف الاوراق كأنه تشجيع واعجاب والاشجار تقول له : من هنا .. من هنا ، وعندما دخل الصبي من الغابة الي الخلاء، وجد الشمس تفرش نورها علي الارض وتنشره في الفضاء ، والشمس في صدره تدفعه الي الغناء، وعاد الصبي الي بيته يغني : انا صديق الشمس لا اخشي الظلام، فالشمس في داخلي في اليقظة وفي المنام .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Skip to content